وإستقامة رفيعة ، لم يتخذ أية تدابير قمعية لأجل بسط السكينة والهدوء بين البدو المشاغبين ؛ فقد كان يكتفي بأن يدفع لهم بدون أية مماطلة الإعانات المالية المتفق عليها ، وكان لا يتحيز لأي طرف ، وكان يلقي مسؤولية الأمن على شيوخ القبائل التي تشغل المنطقة المعنية.
إلا أن عثمان باشا الذي برهن أن البدو ليسوا شعبا رهيبا كما كان الاتراك يصورونهم دائما ، لم يستطع أن يتعايش مع شريف مكة ؛ وبعد دسائس عديدة ، اقيل من منصبه.
التقسيم الإداري
كان الحجاز في الأزمنة الأولى من احتلاله من قبل الاتراك تابعا لمصر على الصعيد الإداري ، وكان حاكمه المسمى بك جدّة ، يقيم في جدّة.
منذ سنة ١٥٥٤ ، صار الحجاز تابعا لليمن ، وصار حاكمه يسمى البيلار ـ بك الحبشي وبك جدّة.
منذ سنة ١٦٥٥ بدأ الوالي الحبشي يحكم الحجاز من سواكن.
في السنة التالية انتقل مقر حاكم الحجاز من جديد إلى جدّة ، وأخذ يتسمى حينا بوالي جدّة وحينا آخر ببك جدّة ، وفي الوقت نفسه بشيخ الحرم أي انه صار يشرف أيضا على المسجد الكبير في مكة حيث توجد الكعبة.
منذ سنة ١٨٦٤ صارت مكة مركز الولاية الإداري الرئيسي ؛ وفي مكة يعيش حاكم هذا الإقليم ، وإلى الحجاز الذي هو أيضا شيخ الحرم (١).
وفي الوقت الحاضر ينقسم الحجاز على الصعيد الإداري إلى ثلاثة
__________________
(*) كتاب «الحجاز».