البساتين في ضواحي المدينة المنورة
ضواحي المدينة عبارة عن سهل رملي عريض ، تتخلله الحجارة والسائل البركاني المتجمد ، ويكسوه السباخ. ولا وجود البتة للماء الجاري ، ولكن الشريحة المنطوية على الماء تمتد على عمق غير كبير جدّا ، على عمق ساجينين أو ثلاثة ، ومن جراء ذلك تكثر البساتين وأحواض الخضراوات في ضواحي المدينة المنورة ، وبخاصة في جانبها الشرقي ؛ وهي تخص البدو جزئيّا ، وجزئيّا الطبقة المسيورة من سكان المدينة. تتألف البساتين بوجه الحصر تقريبا من أشجار النخيل ؛ وتمر المدينة المنورة يعتبرونه ، من حيث وفرة السكر فيه ، أفضل تمر في العالم ، ويشكل المادة الوحيدة للتصدير من هذه المنطقة ؛ وإلى شراء التمر يتوافدون من أبعد أنجاء الحجاز ؛ كذلك يبيعونه في محله أو عبر مكة من الحجاج. وتبلغ الصادرات قرابة ٥٠٠٠٠ بود (١). وسعر خيرة الأصناف ، حين يشتريها الحجاج ، زهاء ١٠ كوبيكات للرطل الواحد. وهنا يحسبون انه يوجد أكثر من ٧٠ نوعا من أشجار النخيل المختلفة من حيث صفات ثمارها. تعيش شجرة النخيل حوالي مائة سنة ، وتبلغ أقصى مردودها حين يتراوح عمرها بين ٥٠ و ٦٠ سنة ، ثم تبدأ تشيخ تدريجيا ؛ وحين تقل كمية الثمار كثيرا ، يقطعون الشجرة من جذعها ويستعيضون عنها بشجرة فتية. تعطي شجرة النخيل في موسم جيد وفي أفضل أوقاتها زهاء ٣٠٠ رطل من التمر ؛ ويجنون بالمتوسط من كل شجرة زهاء ١٨٠ رطلا. ويعتبرون أن خيرة الأنواع هي : الجاليابي ، الحلوة ، البرني ، الحتلاية ، الجادي ، البيض ، اللبانه ، العجوة. السقاية تجري ببالغ الوفرة ؛ وأثناء نضوج الثمار تجري أحيانا كثيرة جدّا ـ مرة كل ٥ أو ٦ أيام ، بل أكثر من ذلك إذا توفرت الإمكانيات. يستخرجون الماء من
__________________
(*) البود : ٣٨٠ ، ١٦ كيلوغراما. المترجم.