الانتقال إلى مكة
قررنا أنا وثلاثة رفاق أن ننتقل إلى مكة على ظهور الحمير ، وأردنا أن ننطلق في اليوم نفسه قبيل المساء ، ولكن لم يسمحوا لنا ، قائلين انه ، نظرا لمخاطر الطريق ، سينطلق الجميع معا غدا بحراسة حفر خاص. وبالفعل رافق القافلة في اليوم التالي خفر قوي من الخيالة ولكن المسافرين على ظهور الحمير تفرقوا جماعات صغيرة ومضوا في طرق مختلفة ، كل جماعة على هواها.
قرب البحرة ، حيث تدخل الطريق وادي فاطمة العريض ، ينفصل إلى اليسار درب أقصر ؛ وكثيرون ممن راحوا في هذا الدرب تعرضوا ، كما تبين ، لهجوم البدو. في البدء رأينا جنديّا تركيّا راكضا صوبنا من جانب الدرب المذكور ، وملوحا بيديه ، وصائحا ، وأوضح لنا أن رفيقيه الاثنين الذاهبين معه في الحج من جدّة إلى مكة قد قتلوهما للتو بالاحجار. نقلناه إلى البحرة وهناك أغمي عليه. وبعدنا أخذت تصل جماعات الحجاج الأخرى الماضية على ظهور الحمير وتتشطء من أنهم سلبوا أحدهم ٣٠ ليرة وسلبوا آخر ٤٠ ليرة وهكذا دواليك ؛ وأخيرا ظهر جندي آخر كان ، كما تبين ، عازفا في الطابور المرابط في جدّة وابلغ الضباط الأتراك الجالسين هنا في المقهى أن البدو قتلوا رفيقه. وقابل الضباط الأتراك جميع هذه البيانات والشكاوي ، كما يقابلون ظاهرات عادية ، ببالغ اللامبالاة ، رغم أن كل هذا حدث على مقربة قريبة من البحرة ؛ تأسفوا على القتلى والمسلوبين ، وشتموا البدو ، وطفقوا يتجادلون بصدد من منهم يرسل جملا لأخذ الجنود القتلى.
إن كثيرين ممن يمضون على ظهور الحمير يصلون إلى مكة في يوم واحد لأن هذه الحيوانات تتميز هنا بالجلد الكبير والقامة الضخمة والمشية الجيدة ، ولكنا نحن قضينا الليل في حدّة بسبب مرضي ، ووصلنا