(من مكة) أو القادمون من المدينة المنورة ليستعلموا ما إذا كانوا يكلفونهم بإداء الحج (البدل) أو العمرة أو ليحصلوا على الصدقة ؛ ويأتي «السقّاؤون» الملتزمون بجلب الماء من بئر زمزم إلى الحجاج طوال إقامتهم في مكة. وينقضي الوقت قبل الإنطلاق إلى عرفات في زيارة الحرم لأجل صلاة الصباح والمساء ، وفي السجود أمام مدافن مختلف الأولياء ، وفي الصعود إلى جبل أبو قبيس ، وفي التردد على البازار ، وفي شرب الماء المقدس المذكور أعلاه باجتهاد وحمية.
الإنطلاق إلى عرفات
الرحلة إلى عرفات أرهب مرحلة بالنسبة للحجاج في كل زمن الحج. والذكريات والأقاصيص عن أوبئة الكوليرا الرهيبة التي غالبا ما تنشب لدن إداء هذه الشعائر تثير في نفوس الحجاج رعبا خاصا ، شديدا. وجميع الأحاديث قبل الإنطلاق تدور بوجه الحصر حول عرفات ومنى ؛ وجميع الافتراضات يرافقها التحفظ : «إن شاء الله أعود سالما من عرفات» ؛ ويوصي الرفاق بعضهم بعضا بكيفية التصرف بالأموال المتواجدة في حال الوفاة ، وما إلى ذلك. وفي اليوم الثامن من ذي الحجة ، يبدو كل الطريق إلى عرفات ، البالغ ٢٠ فرستا ، كتلة متحركة بلا انقطاع من حجاج مرتدين ثياب الأحرام البيضاء ، راكبين في الشقادف أو على الهجائن والحمير ، أو سائرين مشيا على الأقدام. وجميع العساكر المرابطة في مكة ، والمحملان مع الخفر ، والوالي ، والشريف ، وجميع سكان المدينة ، ما عدا النساء والأطفال ، ينزحون في هذه الأيام إلى عرفات بعضهم لإداء الشعائر ، والبعض الآخر بدافع المصالح التجارية. كذلك ينطلق الفريق الطبي المرسل في مأمورية لزمن الحج ، مع صيدليته ومع لوازم التطبيب والاستشفاء.