ونظرا للظروف الصحية السيئة المذكورة أعلاه تكون نسبة الإصابات بالأمراض والوفيات بين الحجاج عند عرفات وبخاصة في منى ، كما يقال ، أكبر بكثير مما في مكة. ولكن عدد الذين ماتوا طوال الرحلة كلها إلى عرفات بلغ في السنة الجارية حوالي ٤٠ شخصا فقط.
العودة إلى مكة ورحيل الحجاج
بعد العودة إلى مكة يسرع الحجاج إلى أعلام أقاربهم في الوطن بسلامة نهاية الرحلة إلى عرفات ؛ وفي هذه الأيام يكون التلغراف ، رغم التعريفة العالية ـ خمسة فرنكات عن كل كلمة ـ غارقا في العمل ؛ ويستعد الحجاج للرحيل. وجميع الحجاج يحملون معهم إلى أوطانهم لأجل تقديم الهدايا كميات متفاوتة من ماء زمزم والتمر المحلى ، تبعا لأحوالهم المالية. يأخذون ماء زمزم في أوعية خاصة من الصفيح يبيعها سمكرية مكة من الحجاج الراحلين بعد أن يملأوها بأنفسهم ويلحموا رقابها ، والتمر يشترونه عادة في المدينة المنورة. وفضلا عن ذلك ، يشترون على سبيل الهدايا مسابح من صنع محلي أو من صنع القسطنطينية ، وسجادات صغيرة لأجل الصلاة ، وخواتم فضية مصنوعة من بقايا الزخارف المتغيرة كل سنة في مقام إبراهيم ، وخواتم فضية مرصعة بالصرد اليمني وقطعا من الكسوة ، والكندر وما إلى ذلك ويأخذ كل منهم أيضا معه ثوب الاحرام الذي التف به في زمن الحج ؛ ويأخذون أيضا لأنفسهم وبتكليف من معارفهم قطعا من الخيش مبللة بماء زمزم لأجل الأكفان. وجميع هذه الأشياء يدسونها في صناديق ويسلمونها لعملاء خصوصيين هم السماسرة ، لأجل إيصالها إلى القسطنطينية.
وأولئك من حجاجنا الذين سبق أن كانو في المدينة المنورة قبل الحج أو لم يحسبوا أن يزوروها ، بدأوا هذه السنة ، في اليوم الثاني أو الثالث بعد العودة من عرفات ، بالسفر قوافل صغيرة إلى جدّة ، حيث كان