تأثير حجاجنا في سكان الحجاز
تملكتني دهشة مستطابة جدّا لكون وطننا العزيز يتمتع بجاذبية خاصة أيضا بين سكان الحجاز البعيد. فهناك كذلك يتحدثون عن جبروت القيصر الروسي وعن النظام في روسيا ، والأهم ، عن العدالة في روسيا. وغالبا ما تسنى لي أن البي فضول السكان المحليين الذين يهتمون بالغ الاهتمام بالمعلومات عن عظمة الامبراطورية الروسية وعن مدنها ، وعن عدد سكانها وما إلى ذلك. بأي سبيل أمكن أن تنتشر شهرة روسيا وتصل حتى إلى هذا البلد البعيد؟ لا يمكن تفسير هذا الواقع إلا بأحاديث حجاجنا الدائمة المفعمة إعجابا واعتزازا بالوطن ، وبنقلهم شهرة روسيا إلى الحجاز وأن بصورة غير واعية أحيانا. فإن مسلمينا ، إذ يصلون إلى ربوع الجزيرة العربية الشحيحة والقائظة ، الخالية من أبسط أسباب الرفاه ومن أبسط المرافق ، والتي تتبدى فيها ببالغ السطوع افضليات الوطن البعيد في جميع الميادين يتحولون فجأة إلى مواطنين في منتهى الحماسة ويتغنون ويشيدون في كل مناسبة بطبيعة روسيا وثرواتها ونظمها ويرفعونها إلى السحب. وجميع النظم والأوضاع في الحجاز تستثير في الحال المقارنة. «روسيا لن تجيز النهب في أراضيها» ، «القرى هناك تتمتع بنظام أكبر وبقدر من المرافق وأسباب الرفاه أكثر مما تتمتع بها المدن هنا» ، «في الطرق التي يمر بها عشرات الآلاف من الحجاج ، كانت امتدت السكك الحديدية من زمان» ، «المجرمون عندنا في روسيا لا يتخلصون من العقاب مهما دفعوا من النقود». وطبيعة الحجاز الشحيحة التي لا تنتج أي شيء تقريبا تعطي حجاجنا موضوعا لاحاديث لا عد لها عن ثروات بلادنا ، عن وفرة ورخص المأكولات فيها ، الأمر الذي يستمع إليه بانتباه خاص البدو شبه الجياع. وإذا قال حجاجنا «كما عندنا في روسيا» ، اعتبر قولهم هذا من فائق المديح. وتأثير روسيا هذا أصبح ، على ما يبدو ، ملحوظا في الآونة الأخيرة. ويستفاد من الافيد في السنوات