طبقة الحجاج المعدمة
هناك عامل آخر ييسر انتشار مختلف الأمراض الوبائية ويزيد من سوء الظروف الصحية في جميع النقاط الآهلة في الحجاز التي يجري فيها تجمع الحجاج ، هو النسبة الكبيرة من الحجاج المعدمين.
لقد سبق أن قلنا أن إداء فريضة الحج مرة واحدة في الحياة ليس ، بموجب الشريعة ، فرضا الزاميا إلا على أولئك المسلمين الذين يملكون ما يكفي من الأموال لأجل القيام بهذه السفرة لأجل تأمين عيالهم حتى عودتهم ؛ وهذه القاعدة تلقى تفسيرا واحدا عند جميع مذاهب السنيين الأربعة وعند الشيعيين. ولكن إلى جانب تفسير الشريعة ، قامت عند بعض الشعوب عادات تتطلب إداء هذه الفريضة من قبل جميع الأفراد ممن يملكون الكفاءة البدنية ، ولهذا يظهر في الحجاز عدد كبير من الحجاج تتلخص جميع أموالهم واحتياطياتهم لكل مدة هذه السفرة الطويلة في إناء لأجل الماء وقطعة من قماش ما لأجل توفير الظل في أماكن التوقف. وأمثال هؤلاء الحجاج ، كما قيل لي ، تعطي أكبر عدد منهم اليمن (قبيلة حضر موت) والهند وافريقيا الشمالية ؛ ومن قبل كانت مصر تعطي هذا العدد الكبير أيضا. وفضلا عن هؤلاء الأشخاص الذين يتوافدون إلى الحجاز تحقيقا للعادة المتبعة ، يتوافد في وقت الحج عدد كبير من شتى المتشردين والفقراء من أبناء جميع القوميات وجميع البلدان. وأكبر عدد من هؤلاء يأتي بالطبع من الأماكن القريبة ، ولكن يوجد بينهم أفراد من سكان آسيا الوسطى وقشغر وافغانستان والقفقاس وايران وتركيا وغيرها ، بل أني تقابلت مع شخص من روسيا يقيم في محافظة كوفنو (١). وجميعهم يأتون عادة سيرا على الأقدام ، وبعض منهم
__________________
(١) المركز ـ مدينة كوفنو. منذ سنة ١٩١٧ كاوناس ، مدينة في ليتوانيا.
مكتبة فرع لينينغراد لمعهد الاستشراق لدى اكاديمية العلوم في الاتحاد السوفييتي ، ـ.