إن المرحوم إبراهيموف كان يؤدي واجباته القنصلية ، كما يقولون ، بغيرة حماسة ، وكان يصرّف الأمور بهمة وحزم ؛ ولذا يتذكره بالسوء حتى الآن شتى الادلة والوكلاء ، أي تركستانيونا الذين يأخذون في جدّة من الحجاج السذج ، السريعي التصديق ، النقود لأجل صيانتها وحفظها أثناء سفر الحجاج إلى مكة ؛ وكذلك على العموم جميع الانذال الذين لا يعيشون إلا من نهب الحجاج واستثمارهم بكل الوسائل. وقد حاول إبراهيموف ، بوصفه قنصلا روسيا ، أن يحمي مواطنيه من هذا الجراد الذي ينقض عليهم في الحجاز ، وكان على العموم يساعدهم بقدر الإمكان. تجدر الإشارة إلى أن السياسة الإسلامية في الحجاز تبدو في الظاهر بسيطة وساذجة جدّا ، ولكنها في الواقع معقدة وداهية جدّا. أما قنصليتنا في جدّة ، فهي مؤسسة حديثة جدّا ، وضمانتها ضعيفة جدّا ، الأمر الذي يتضح ، مثلا ، من هجوم العرب على قناصل الدول المسيحية في جدّة سنة ١٨٩٥. وعلى القنصل الأوروبي أن يكون هنا محترسا خارق الاحتراس [...].
الفصل الثاني
من جدّة إلى محطة حدّة
[...] في ٣٠ نيسان (ابريل) حوالي الساعة الرابعة بعد الظهر ، انتظرتنا قافلتنا ماوراء البوابة المكية في جدّة ، قرب المقهى الأخير الواقع غير بعيد عن البوابة. رحت مع العائلة. وقد رافقنا إلى المقهى : مدير أعمال قنصلية امبراطورية روسيا في مدينة جدّة ، والسيد الفائق الطيبة غ.
ف. براندت والسكرتير ف. ف. نيكيتنيكوف ، وكذلك كثيرون من التركستانيين القاطنين في مدينة جدّة. قرب القافلة تقدم منى سواق الجمال والجندي التركي رئيس الخفر[...].
وبما أن القافلة لم تكن جاهزة للرحيل ، فقد رحنا إلى المقهى. كنا