[...] إن ضباط الحامية التركية المرابطة في مكة ، لا يتقيدون إطلاقا ، على ما يبدو ، بوحدة اللباس العسكري ولون قماشه. جميعهم يرتدون ما تقع عليه ايديهم ، جميعهم في ألبسة متنوعة الألوان ، رغم أنهم دائما يحملون السلاح : سيفا ذا حد واحد او ذا حدين من الطراز الإنجليزي في حمائل فضية وذهبية. وعلى الأكتاف يحملون كتافات من الجوخ مع نجيمات معدنية. والجنود يرتدون قمصانا بيضاء. كتافاتهم من الجوخ دون اية علائم. والانضباط والهيئة العسكرية غير ملحوظين بينهم.
وفي معرض الكلام عن الجنود الاتراك ، لا يسعني لزوم الصمت عن تمرداتهم غير النادرة ضد رؤسائهم. تنشب التمردات بصورة رئيسية لسببين : لعدم تقاضي الراتب في الموعد المعين ، ولعدم تسريح من خدموا المدة الشرعية ولابقائهم في الخدمة بصورة غير صحيحة. وأثناء الفتنة ، لا يندر أن يحتل الجنود بيت الله بقوة السلاح ، وأن ينهبوا سكان المدينة وضواحيها وينصرفوا إلى اقتراف شتى الموبقات. ولتهدئتهم ، يلجأون عادة إلى محاولات الاقناع ، المر الذي يشارك فيه ، عدا الضباط ، رجال الدين ، مؤثرين في شعور الجنود الديني. والجنود المرابطون هنا هم على العموم شعب مستهتر جدّا ، وذلك ، طبعا ، بذنب من رؤسائهم الذين لين دائما يتصرفون بصورة عادلة وقانونية.
في سنة ١٨٩٠ ، تمردت حامية المدينة المنورة لأنهم لم يسرحوا الجنود من الخدمة بعد إنتهائها. رموا أسلحتهم وراحوا إلى حوش قبر النبي وعاشوا هناك أكثر من أسبوع إلى أن أفلح الرؤساء في اقناعهم وتهدئتهم. وفي هذا الأسبوع حولوا حوش قبر النبي إلى ثكنة ولم يسمحوا لأحد بالأقتراب والصلاة ؛ ونهبوا السوق ودكاكين المأكولات لتامين المؤونة لأنفسهم. وقد نشب تمرد مماثل تماما في مدينة جدّة سنة ١٨٩١. واحتل الجنود جامعا كبيرا في المدينة ونهبوا المأكولات أيضا في السوق.