كلّ يوم لي خصيم [ضالع] |
|
والمقادير لها حكم شطط (١) |
وإذا كشّفت ما يرمضني |
|
من مضيض الدّاء قال الحلم غط |
ولقد منيت بكربة الغربة ، وتشعّث الحال وعهد الصّبا مخيّم ما همّ بالارتحال ، وبليت بورود منهل البين الأكدر ، وباهر العمر مشرق أشرف على الكمال وما أدبر. رمتني مرامي النوى بجهدها ، وأبدلتني عن خير بلاد الله المشرّفه بأرض هندها ، وناهيك بأرض شاسعة نائية ، وبلد أهلها كفرة طاغية ، وليس ذلك والله لطلب نائل ، أو بلوغ وطر امتثلت له قول القائل :
وارحل ركابك عن ربع ظمئت به |
|
إلى الجناب الذي يهمي به المطر (٢) |
كيف وقد علمت أنّ الحرمان من شيم الزمان ، وربّ عطب تحت طلب ، ولكن قضاء حتم ، وأمر لزم فأين المفر ، وهيهات طلب المستقر.
لو أنصف الدهر دلّتني غياهبه |
|
على العلى بضياء العقل والحسب |
ما ينفع المرء أحساب بلا جدة |
|
أليس ذا منتهى حظّي وذاك أبي |
وكنت بعد أن نزلت على حكم القدر في تحمّل شقّة البين ، وفارقت الأهل والوطن فراق الجفن للعين ، حريصا على أن لا يكون فعلي إلّا فعل امرئ جدّ في طلب العلى جدّه.
وما رأيه في عسجد يستفيده |
|
ولكنّه في مفخر يستجدّه (٣) |
وإن زعم قوم أني على خلاف ذلك فالحسد يقحم مقتفيه أضلّ المسالك.
__________________
(١) البيتان من قصيدة طويلة للشريف الرضي (محمد بن الحسين) المتوفى سنة ٤٠٦ ه (أنوار الربيع ـ ١ / ٤١ ، وبين البيتين أكثر من ثلاثين بيتا. ضالع : جائر. في الأصول (طالع) والتصويب من الديوان.
(٢) البيت للحريري (القاسم بن علي) المتوفى سنة ٥١٦ ه (انوار الربيع ١ / ١١١ وهو من ضمن قطعة وردت في مقامته السابعة والثلاثين (الصعيدية).
(٣) البيت لأبي الطيب المتنبي (أحمد بن الحسين) المتوفى سنة ٣٥٤ ه (أنوار الربيع ١ / ٣٨). والظاهر أن المؤلف حوّره ليلائم غرضه ، وإلا فراوية الديوان له :
وما رغبتي في عسجد أستفيده |
|
ولكنّها في مخفر أستجدّه |