فها هي كالمنية قد أنجحت لراجيها ، أو العروس قد أبرزت في ناديها ، فخذها بارك الله لك فيها.
مقدّمة : فيما جاء في السفر والاغتراب من نثر ونظم ذما ومدحا ، والناس متفاوتون في التفضيل بين التغرب والإقامة ، فلنذكر من كلّ طرفا يعدّه الناظر طرفا.
أمّا ما جاء في الذمّ في ذلك فقد قال الله عزوجل (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ)(١) فقرن جلّ اسمه الخروج من الوطن بقتل النفس.
وروي عن سيّد البشر الشفيع المشفّع في المحشر أنّه قال صلىاللهعليهوآلهوسلم (السفر قطعة من العذاب ، يمنع أحدكم نومه وطعامه ، فإذا قضى أحدكم مهمّته من وجهه فليعجّل إلى أهله).
وقيل لبعضهم : إنّ السفر قطعة من العذاب ، فقال : بل العذاب قطعة من السفر ، ونظمه من قال :
كلّ العذاب قطعة من السّفر |
|
يا ربّ فارددني إلى ريف الحضر |
وكان الحجاج بن يوسف (٢) يقول : لولا فرحة الإياب لما عذّبت أعدائي إلّا بالسفر وقيل : السفر ، والسقم ، والقتال ، ثلاثة متقاربة. فالسفر سفينة الأذى ، والسقم حريق الجسد ، والقتال منبت المنايا.
وقال حكيم : في السفر خصال مذمومة منها مفارقة الإنسان من يألفه.
وعلى ذلك لعلي بن موسى بن سعيد المغربي (٣) :
عجبت ممّن يبتغي بغية |
|
عن حبّه في نيلها يذهب |
__________________
(١) سورة النساء / ٦٦.
(٢) والي العراق المشهور في عهد عبد الملك بن مروان. توفي سنة ٩٥ ه (أنوار الربيع ٣ / ٢٥).
(٣) هو صاحب التصانيف الكثيرة منها (المغرب في حلى المغرب) توفي في حدود سنة ٦٨٥ ه وقيل غير ذلك. (أنوار الربيع ١ / ٦٩).