قال الصفدي : ما جرى للمأمون عفا الله عنه مع هذا القاضي المسكين على خلاف المعهود من حلمه ومكارم أخلاقه ، وكان غير هذا الفعل أولى به وبرئاسته ، ولكن صان منصب القضاء ووفّره وأجلّه فعفا الله عنه. وأما القاضي الخليجي فقد اختلج في خاطره من الوشاة ما أضرّ به عند محبوبته وعند الخليفة ، وهذا من كهانة الشعر ومما يتّفق وقوعه للشاعر بعد مدّة مديدة. وأما علّويه فأعلّه الله ولا أعلى له كعبا ، فقد أضرّ بحاله وعطّله من حلي القضاء. انتهى (١).
قلت : (وظني أن السيد رحمهالله لو وقف على هذه الواقعة لم يفه بما قاله احتياطا ، ولقد كان رحمهالله قاضيا فلا يأمن أن يرميه الدهر بمثلها) (٢).
(وكانت وفاة السيد المذكور سنة ثمان وعشرين وألف بشيراز ، وكان أوحد أهل زمانه وأفضلهم على الاطلاق رحمهالله تعالى) (٣).
ومنهم الشيخ الكبير المستفز دون وقار فضله يلملم وثبير ، الجامع بين علمي الأديان والأبدان ، والمحرز من فنون العلم ما عزّ ودان ، محيي مآثر الطبابة على نسق السلف الأول ، ومذكي شهاب سمائها الخامد بما فسرّ منها
__________________
(١) ورد في ك بعد كلمة (انتهى) التعليق الآتي ، وأظنه زيادة من الناسخ :
(أقول : ولم لم يصن هو منصب الخلافة ومقام الإمارة ، ويوقر خلافة المسلمين وإمارة المؤمنين وهما هما :
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها |
|
فإذا انتهت عنها فأنت حكيم |
فهناك تسمع ما تقول ويشتفى |
|
بالقول منك وينفع التعليم |
لا تنه عن خلق وتأتي مثله |
|
عار عليك إذا فعلت عظيم |
(٢) وردت هذه الجملة في ك هكذا (وأقول أن السيد رحمهالله لعله مكذوب عليه ، ولقد كان قاضيا في عصره أيضا فكيف يأمن أن يرمى بمثلها لو اطلع عليها. وبعد فالظن فيه أنه كان اتقى الله ، واعرف بحرمة الإسلام من أن يقول مثل هذا وقد علم حال البراءة.
(٣) في ك (وكان أوحد أهل زمانه علما وأفضلهم على الإطلاق. توفي سنة ثمان وعشرين وألف بشيراز).