الناصر عزيزا ، ونصرا مبينا ، أعز الله بهما الإسلام وأهله ، وأذل الشرك وحزبه.
ووصلت الأسرى ورؤوس القتلى الى دمشق ، في يوم الأحد تالي يوم الفتح ، وقد رتبوا على كل جمل فارسين من أبطالهم ، ومعهما راية من راياتهم منشورة ، وفيها من جلود رؤوسهم بشعرها عدة ، والمقدمون منهم ، وولاة المعاقل والأعمال ، كل واحد منهم على فرس ، وعليه الزردية والخوذة ، وفي يده راية ، والرجالة من السرجندية والدركبولية (١) كل ثلاثة وأربعة وأقل وأكثر في حبل ، وخرج من أهل البلد الخلق الذي لا يحصى لهم عدد ، من الشيوخ والشبان والنسوان والصبيان ، لمشاهدة ما منح الله تعالى ذكره ، كافة المسلمين ، من هذا النصر المشرق الأعلام ، وأكثروا من التسبيح ، ومواصلة التقديس لله تعالى مولى النصر لأوليائه ، ومديلهم من أعدائه ، وواصلوا الدعاء الخالص للملك العادل نور الدين ، المحامي عنهم ، والمرامي دونهم ، والثناء على مكارمه ، والوصف لمحاسنه ، ونظم في ذلك أبيات في هذا المعنى وهي : (١٨٦ و).
مثل يوم الفرنج حين علتهم |
|
ذلة الأسر والبلا والشقا |
وبراياتهم على العيس زفّوا |
|
بين ذلّ وحسرة وعناء |
بعد عزّ لهم وهيبة ذكر |
|
في مصاف الحروب والهيجاء |
هكذا هكذا هلاك الأعادي |
|
عند شن الإغارة الشعواء |
شؤم أخذ الجشار كان وبالا |
|
عمهم في صباحهم والمساء |
نقضوا هدنة الصلاح بجهل |
|
بعد تأكيدها بحسن الوفاء |
فلقوا بغيهم بما كان فيه |
|
من فساد بجهلهم واعتداء |
لا حمى الله شملهم من شتات |
|
بمواض تفوق حدّ المضاء |
فجزاء الكفور قتل وأسر |
|
وجزاء الشكور خير الجزاء |
فلرب العباد حمد وشكر |
|
دائم مع تواصل النعماء |
__________________
(١) فرسان خفاف غالبا ما كانوا من المرتزقة.