وشرع في قصد أعمالهم لتملكها وتدويخها ، والله المعين والموفق لذلك بمنه ولطفه ومشيئته.
وفي يوم الخميس الخامس والعشرين من جمادى الأولى وافت زلزلة عظيمة بعد مضي ثلاث ساعات منه اهتزت لها الأرض هزات ، ثم وافت بعدها ثانية قريب بعد مضي ست ساعات من اليوم ، ثم بعد مضي ثماني ساعات من هذا اليوم المذكور ، وافت ثالثة أشد من الأوليين ، وأزعج ، فسبحان محركهن بقدرته ، ومسكنهن بحكمته ، تعالى علوا كبيرا.
وفي آخر هذا اليوم وافت زلزلة رابعة لما تقدم بين العشائين من ليلته مروعة هائلة ، أزعجت وأقلقت ، وضج الناس بالتهليل والتسبيح والتقديس ، وفي ليلة الأحد الرابع من جمادى الآخرة من السنة في آخرها عند صلاة الغداة ، وافت زلزلة هائلة ، وجاء بعدها أخرى دونها ، وتواصلت الأخبار من ناحية الشمال ، بأن هذه الزلازل أثرت في حلب تأثيرا أزعج أهلها وأقلقهم ، وكذلك في حمص ، وهدمت مواضع فيها وفي حماة وكفر طاب وأفامية ، وهدمت فيها ما كان من هدم ما بني من المهدوم بالزلازل الأول ، وحكي عن تيماء ان هذه الزلازل أثرت في مساكنها ، تأثيرا مهولا.
وفي العشر الثاني من جمادى الاخرة تواصلت (١٨٦ ظ) الأخبار بوصول ولد السلطان مسعود في خلق كثير للنزول على أنطاكية ، وأوجبت الصورة تقرير المهادنة بين الملك العادل نور الدين وملك الأفرنج ، وتكررت المراسلات بينهما ، والاقتراحات والمشاجرات ، بحيث فسد الأمر ، ولم يسفر على ما يؤثر من الصلاح ، ومرضي الاقتراح المقرون بالنجاح ، ووصل الملك العادل نور الدين ، أعز الله نصره الى مقر عزه ، في بعض عسكره ، في يوم السبت الخامس والعشرين من جمادى الآخرة من السنة ، وأقر بقية عسكره ومقدميه مع العرب ، بإزاء أعمال المشركين ، خذلهم الله.
وكانت الأخبار تناصرت من بغداد ، بإظهار أمير المؤمنين المقتفي لأمر