الله أعز الله نصره على عسكر السلطان [محمد شاه](١) المخالف لأمره ، ومن انضم إليه من عسكر الموصل وغيره ، بحيث قتل منهم العدد الكثير ، والجم الغفير ، ورحلوا عن بغداد مفرقين مفلولين خاسرين ، بعد المضايقة والتناهي في المحاصرة والمصابرة.
وفي يوم الأحد الثالث من رجب توجه الملك العادل نور الدين الى ناحية حلب وأعمالها ، لتجديد مشاهدتها ، والنظر في حمايتها ، بحيث عبث المشركون فيها ، وقرب عساكر الملك ابن مسعود منها ، والله الموفق له فيما يراه ، ويقصده ويتوخاه.
وفي الساعة التاسعة من يوم الاثنين الرابع من رجب سنة اثنتين وخمسين وافت زلزلة عظيمة في دمشق لم ير مثلها فيما تقدم ، ودامت وجفاتها حتى خاف الناس على أنفسهم ومنازلهم ، وهربوا من الدور والحوانيت والسقايف ، وانزعجوا وأثرت في مواضع كثيرة ، ورمت من فص الجامع الكثير الذي يعجز عن إعادة مثله ، ثم وافت عقيبها زلزلة في الحال ، ثم سكنتا بقدرة من حركهما ، وسكنت نفوس الناس من الروعة والخوف برحمة خالقهم ورازقهم ، لا إله إلا هو الرؤوف الرحيم ، ثم تبع ذلك في أول ليلة اليوم المذكور زلزلة ، وفي وسطه زلزلة ، وفي آخره زلزلة أخف من الأولى ، والله تبارك وتعالى لطيف بعباده وبلاده ، وله الحمد والشكر ، رب العالمين ، وتلا ذلك في يوم الجمعة الثامن من رجب زلزلة مهولة أزعجت الناس ، وتلاها في النصف منها ثانية ، وعند انبلاج الصبح ثالثة ، وكذلك (١٨٧ و) في ليلة السبت ، وليلة الأحد ، وليلة الإثنين ، وتتابعت بعد ذلك بما يطول به الشرح.
ووردت الأخبار من ناحية الشمال ، بما يسوء سماعه ويرعب النفوس
__________________
(١) الاضافة من الباهر لابن الأثير : ١١٣.