إلى بيعة الحاكم وأحلفهم على الطاعة ، وأطلق الأرزاق وذلك في شهر رمضان سنة ست وثمانين وثلاثمائة وانكفأ الحاكم من المخيم إلى قصره بالقاهرة وعمره عشر سنين وستة أشهر.
وتقدم أبو محمد الحسن بن عمار ، وكان شيخ كتامة وسيدها ولقب بأمين الدولة وهو أول من لقب في دولة مصر ، واستولى على الأمر وبسط يده في الإطلاق والعطاء والصلات بالأموال والثياب والحباء وتفرقة الكراع ، وكان في القصر عشرة آلاف جارية وخادم ، فبيع منهم من اختار البيع ، وأعتق من سأل العتق ، ووهب من الجواري لمن أحب وآثر ، وانبسطت كتامة وتسلطوا على العامة ومدوا أيديهم إلى حرمهم وأولادهم ، وغلب الحسن بن عمار على الملك ، وكتامة على الأمور ، وهم الحسن بقتل الحاكم (٣٢ و) وحمله على ذلك شيوخ أصحابه ، وقالوا : لا حاجة لنا إلى إمام نقيمه ونتعبد له ، فحمله صغر سنه والاستهانة بأمره على إقلال الفكر فيه ، وأن قال لمن أشار عليه بقتله : وما قدر هذه الوزعة (١) حتى يكون منها ما نخاف ، وبرجوان في أثناء ذلك يحرس الحاكم ويلازمه ويمنعه من الركوب ، ولا يفسح له في مفارقة الدور والقصور ، وقد كان شكر العضدي اتفق مع برجوان وعاضده في الرأي والفعل ، وصارا على كلمة سواء في كل ما ساء وسرّ ونفع وضرّ ، وتظاهرا على حفظ الحاكم في وصاة والده العزيز به إلى أن تمت السلامة لهما فيه.
وأما منجوتكين وما كان منه بعد نوبة الروم فإنه أقام بدمشق على حاله في ولايتها ، وزاد أمر الحسن بن عمار وكتامة ، وقلت مبالاتهم بالسلطان ، فكتب برجوان إلى منجوتكين يعرفه استيلاء المذكورين على الأمور وغلبتهم على الأموال وتعديهم الى الحرم والفروج وقبيح الأعمال ورفعهم المراقبة للخالق
__________________
(١) دويبة صغيرة من الزواحف سامة برصاء. لسان العرب.