وعاد إلى داره ووضع العطاء في الرجال ، وبرّز إلى ظاهر دمشق ، وقد اشتملت جريدة الاثبات على ستة آلاف من الأجناد السائرين معه خيلا ورجلا ، وكتب إلى الحسن بن عمار على أجنحة الطيور ومع أصحاب البريد بشرح ذلك الحال.
فلما وقف على الخبر عظم عليه وقلق ، وجمع وجوه كتامة ، وأعاد عليهم ما ورد من خبر منجوتكين ، وما هو مجمع عليه في بابهم ، وقال : ما الرأي عندكم؟ قالوا : نحن أهل طاعتك والمسارعون الى العمل باشارتك ، وأظهر أن منجوتكين قد عصى على الحاكم وجرى مجرى ألفتكين المعزي البويهي ، وندب الناس لقتاله وتقدم إلى الخزّان في خزائن أموال العزيز بإطلاق الأموال ، وإلى العرّاض (١) بتجريد الرجال والإنفاق فيهم ، وأحضر برجوان وشكر العضدي وقال لهما : أنا رجل شيخ ، وقد كثر الكلام عليّ والقول فيّ ، وما لي غرض إلا في حفظ الأمر للحاكم ، ومقابلة اصطناع العزيز وإحسانه إليّ ، وأريد مساعدتكما ومعاضدتكما ، وأن تحلفا لي على صفاء النية وخلوص العقيدة والطوية ، فدعتهما الضرورة إلى الانقياد له والإجابة الى ما سأله منهما ، واستأنف معهما المفاوضة والمشاورة والاطلاع لهما على مجاري الأمور ووجوه التدبير في الجمهور واستمالة المشارقة.
وندب أبا تميم سلمان بن جعفر بن فلاح ، وقدمه وجعله اسفهسلار الجيش ، وأمره بالمسير الى الشام ، وأطلق له كل ما التمسه من المال والعدد والرجال والسلاح والكراع ، وأسرف في ذلك إلى حد لم يقف عنده ، وجرد (٣٣ و) معه ستة عشر ألف رجل من الخيل والرجال وبرّز الى عين شمس وكان عيسى بن نسطورس الوزير على حاله في الوزارة ، فبلغ ابن عمار عنه ما أنكره ، فقبض عليه ونكبه ، وقتله ، وسار سلمان بن فلاح من مصر ،
__________________
(١) كانت وظيفة العارض من أهم الوظائف العسكرية.