عمرة الأكمة
وفي ليلة الثلاثاء السابع والعشرين منه. اعني من رجب ، ظهر لاهل مكة ايضا احتفال عظيم في الخروج الى العمرة لم يقصر عن الاحتفال الاول ، فانجفل الجميع اليها ، تلك الليلة ، رجالا ونساء على الصفات والهيئات المتقدمة الذكر تبركا بفضل هذه الليلة لأنها من الليالي الشهيرة الفضل. فكانت مع صبيحتها عجبا في الاحتفال وحسن المنظر ، جعل الله ذلك كله خالصا لوجهه الكريم. وهذه العمرة يسمونها عمرة الأكمة ، لأنهم يحرمون فيها من اكمة امام مسجد عائشة ، رضياللهعنها ، بمقدار غلوة ، وهي على مقربة من المسجد المنسوب لعلي ، عليهالسلام.
والاصل في هذه العمرة الاكمية عندهم ان عبد الله بن الزبير رضياللهعنهما ، لما فرغ من بناء الكعبة المقدسة خرج ماشيا حافيا معتمرا واهل مكة معه فانتهى الى تلك الاكمة فأحرم منها ، وكان ذلك في اليوم السابع والعشرين من رجب وجعل طريقه على ثنية الحجون المفضية الى المعلى التي كان دخول المسلمين يوم فتح مكة منها ، حسبما تقدم ذكره. فبقيت تلك العمرة سنة عند أهل مكة في ذلك اليوم بعينه وعلى تلك الأكمة بعينها.
وكان يوم عبد الله ، رضياللهعنه ، مذكورا مشهورا ، لأنه أهدى فيه كذا وكذا بدنة ، عددا لم تتحصل صحته ، فكنت أثبته ، لكنه بالجملة كثير.
ولم يبق من اشراف مكة وذوي الاستطاعة فيها الا من اهدى ، وأقام أهلها أياما يطعمون ويطعمون ويتنعمون وينعّمون شكرا لله ، عزوجل ، على ما وهبهم من المعونة والتيسير في بناء بيته الحرام على الصفة التي كان عليها مدة الخليل ابراهيم ، صلىاللهعليهوسلم ، فنقضها الحجاج ، لعنه الله ، وأعادها على ما كانت عليه مدة قريش ، لأنهم كانوا اقتصروا في بنائه عن قواعد ابراهيم ، صلىاللهعليهوسلم ، وابقى نبينا محمد ، صلىاللهعليهوسلم ، ذلك على حالة لحدثان عهدهم بالكفر ،