عرضا ووصلت بالحطيم المذكور ، ثم عرضت بينها ألواح طوال مدت على الأذرع المذكورة ، وعلت طبقة منها طبقة أخرى حتى استكملت ثلاث طبقات ، فكانت الطبقة العليا منها خشبا مستطيلة مغروزة كلها مسامير محددة الأطراف لاصقا بعضها ببعض كظهر الشيهم نصب عليها الشمع ، والطبقتان تحتها الواح مثقوبة ثقبا متصلا وضعت فيها زجاجات المصابيح ذوات الأنابيب المنبعثة من أسافلها.
وتدلت من جوانب هذه الألواح والخشب ومن جميع الأذرع المذكورة قناديل كبار وصغار وتخللها أشباه الاطباق المبسوطة من الصفر قد انتظم كل طبق منها ثلاث سلاسل تقلها في الهواء وخرقت كلها ثقبا ووضعت فيها الزجاجات ذوات الأنابيب من أسفل تلك الأطباق الصفرية لا يزيد منها أنبوب على أنبوب في القد. وأوقدت فيها المصابيح ، فجاءت كأنها موائد ذوات أرجل كثيرة تشتعل نورا ، ووصلت بالحطيم الثاني الذي يقابل الركن الجنوبي من قبة زمزم خشب على الصفة المذكورة اتصلت الى الركن المذكور ، وأوقد المشعل الذي في رأس فحل القبة المذكورة ، وصففت طرة شباكها شمعا مما يقابل البيت المكرم. وحف المقام الكريم بمحراب من الأعواد المشرجبة المخرمة محفوفة الأعلى بمسامير حديدة الأطراف ، على الصفة المذكورة ، جللت كلها شمعا. ونصب عن يمين المقام ويساره شمع كبير الجرم ، في أتوار تناسبها كبرا ، وصفت تلك الأتوار على الكراسي التي يصرفها السدنة مطالع عند الإيقاد ، وجلل جدار الحجر المكرم كله شمعا في اتوار من الصفر فجاءت كأنها دائرة نور ساطع ، واحدقت بالحرم المشاعيل. وأوقد جميع ما ذكر.
وأحدق بشرفات الحرم كلها صبيان مكة ، وقد وضعت بيد كل منهم كرة من الخرق المشبعة سليطا ، فوضعوها متقدة في رؤوس الشرفات. وأخذت كل طائفة منهم ناحية من نواحيها الاربعة فجعلت كل طائفة تباري صاحبتها في سرعة ايقادها. فيخيل للناظر أن النار تشب من شرفة الى شرفة لخفاء أشخاصهم وراء الضوء المرتمي الأبصار. وفي اثناء محاولتهم لذلك يرفعون أصواتهم بيا رب يا رب على لسان واحد ، فيرتج الحرم لأصواتهم.