ثلاثة الأشبر الحرم المباركات. وكانت ليلة استهلال هلاله من الليالي الحفيلة في المسجد الحرام ، زاده الله تكريما ؛ جرى الرسم في ايقاد مشاعله وثرياته وشمعه على الرسم المذكور ليلة سبع وعشرين من رمضان المعظم ، وأوقدت الصوامع من الأربع جهات من الحرم ، وأوقد سطح المسجد الذي في أعلى جبل أبي قبيس. وأقام المؤذن ليلته تلك في أعلى سطح قبة زمزم مهللا ومكبرا ومسبحا وحامدا. وأكثر الأئمة تلك الليلة أحيا ، وأكثر الناس على مثل تلك الحال بين طواف وصلاة وتهليل وتكبير ، يقبل الله من جميعهم ، انه سميع الدعاء كفيل بالرجاء ، سبحانه لا اله سواه.
عيد رمضان
فلما كان صبيحتها وقضى الناس صلاة الفجر ، لبس الناس أثواب عيدهم وبادروا لأخذ مصافهم لصلاة العيد بالمسجد الحرام ، لأن السنة جرت بالصلاة فيه دون مصلى يخرج الناس اليه ، رغبة في شرف البقعة وفضل بركتها وفضل صلاة الامام خلف المقام ومن يأتم به. فأول من بكر الشيبيون ، وفتحوا باب الكعبة المقدسة ، وأقام زعيمهم جالسا في العتبة المقدسة ، وسائر الشيبيين داخل الكعبة الى ان أحسوا بوصول الأمير مكثر فنزلوا اليه ، وتلقوه بمقربة من باب النبي ، صلىاللهعليهوسلم ، فانتهى الى البيت المكرم ، وطاف حوله أسبوعا ، والناس قد احتفلوا لعيدهم ، والحرم قد غص بهم ، والمؤذن الزمزمي فوق سطح القبة على العادة رافعا صوته بالثناء عليه والدعاء له متناوبا في ذلك مع اخيه. فلما اكمل الامير الاسبوع عمد الى مصطبة قبة زمزم ، مما يقابل الركن الأسود ، فقعد بها ، وبنوه عن يمينه ويساره ، ووزيره وحاشيته وقوف على رأسه وعاد الشيبيون لمكانهم من البيت المكرم يلحظهم الناس بأبصار خاشعة للبيت غابطة لمحلهم منه ومكانهم من حجابته وسدانته ، فسبحان من خصهم بالشرف في