بدر الى الصفراء ، فبتنا باستهلاله بهذه البقعة الكريمة : بدر ، حيث نصر الله المسلمين وقهر المشركين ، والحمد لله على ذلك. وكان نزولنا بالصفراء اثر صلاة العشاء الآخرة. فأصبحنا يوم السبت ، مستهل الهلال المذكور ، مقيمين مريحين بها ، ليتزود الناس منها الماء ويأخذوا نفس استراحة الى الظهر. ومنها الى المدينة المكرمة ان شاء الله ثلاثة أيام ، فأقلعنا منها ظهر يوم السبت المذكور ، وتمادى السير بنا الى اثر صلاة العشاء الآخرة ، والطريق في واد متصل بين جبال ، فنزلنا ليلة الأحد ، ثم أقلعنا نصف الليل ، وتمادى سيرنا الى ضحى من النهار ، فنزلنا مريحين قائلين ببئر ذات العلم ، ويقال : ان عليّ بن أبي طالب ، رضياللهعنه ، قاتل الجن بها ، وتعرف أيضا بالروحاء. والبئر المذكورة متناهية بعد الرشاء لا يكاد يلحق قعرها ، وهي معينة.
ورحلنا منها اثر صلاة الظهر من يوم الأحد ، وتمادى بنا السير الى اثر صلاة العشاء الآخرة ، فنزلنا شعب عليّ ، رضياللهعنه ، وأقلعنا منه نصف الليل الى تربان ، الى البيداء ، ومنها تبصر المدينة المكرمة ، فنزلنا ضحى يوم الاثنين الثالث لمحرّم المذكور بوادي العقيق ، وعلى شفيره مسجد ذي الحليفة من حيث أحرم رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، والمدينة من هذا الموضع على خمسة أميال ، ومن ذي الحليفة حرم المدينة الى مشهد حمزة الى قباء ، وأول ما يظهر للعين منارة مسجدها بيضاء مرتفعة ، ثم رحلنا منها اثر
صلاة الظهر من يوم الاثنين المذكور ، وهو السادس عشر لأبريل ، فنزلنا بظاهر المدينة الزهراء ، والتربة البيضاء ، والبقعة المشرفة بمحمد سيد الأنبياء ، صلىاللهعليهوسلم صلاة تتصل مع الأحيان والآناء.
وفي عشي ذلك اليوم دخلنا الحرم المقدس لزيارة الروضة المكرمة المطهرة ، فوقفنا بإزائها مسلّمين ، ولترب جنباتها المقدسة مستلمين وصلينا بالروضة التي بين القبر المقدس والمنبر ، واستلمنا أعواد المنبر القديمة التي كانت موطئ الرسول ، صلىاللهعليهوسلم ، والقطعة الباقية من الجذع الذي حن اليه ، صلىاللهعليهوسلم ، وهي ملصقة في عمود قائم أمام الروضة الصغيرة التي بين القبر والمنبر ، وعن يمينك اذا استقبلت القبلة