فيها ، ثم صلينا صلاة المغرب مع الجماعة. وكان من الاتفاق السعيد لنا أن وجدنا بعض فسحة في تلك الحال لاشتغال الناس بإقامة مضاربهم ، وترتيب رحالهم ، فتمكنا من الغرض المقصود ، وفزنا بالمشهد المحمود ، وأدينا حق السلام على الصاحبين الضجيعين : صديق الاسلام وفاروقه ، وانصرفنا الى رحالنا مسرورين ، ولنعمة الله علينا شاكرين. ولم يبق لنا أمل من آمال وجهتنا المباركة ولا وطر الا وقد قضيناه ، ولا غرض من أغراضنا المأمولة الا وبلّغناه ، وتفرغت الخواطر للإياب للوطن ، نظم الله الشمل ، وتمم علينا الفضل ، والحمد لله على ما أولاه وأسداه ، وأعاده من جميل صنعه وأبداه ، فهو أهل الحمد والشكر ومستحقه لا اله سواه.
ذكر مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم وذكر روضته المقدسة
المسجد المبارك مستطيل ، وتحفه من جهاته الأربع بلاطات مستديرة به ، ووسطه كله صحن مفروش بالرمل والحصى ، فالجهة القبيلة منها لها خمس بلاطات مستطيلة من غرب الى شرق ، والجهة الجوفية لها أيضا خمس بلاطات على الصفة المذكورة ، والجهة الشرقية لها ثلاث بلاطات ، والجهة الغربية لها أربع بلاطات.
والروضة المقدسة مع آخر الجهة القبلية مما يلي الشرق ؛ وانتظمت من بلاطاته مما يلي الصحن في السعة اثنين ونيفت الى البلاط الثالث بمقدار أربعة أشبار ، ولها خمسة أركان بخمس صفحات ، وشكلها شكل عجيب ، لا يكاد يتأتى تصويره ولا تمثيله ، والصفحات الأربع محرفة من القبلة تحريفا بديعا ، لا يتأتى لأحد معه استقبالها في صلاته لأنه ينحرف عن القبلة.
وأخبرنا الشيخ الإمام العالم الورع ، بقية العلماء ، وعمدة الفقهاء ، أبو ابراهيم اسحاق بن ابراهيم التونسي ، رضياللهعنه ، أن عمر بن عبد العزيز ، رضياللهعنه ، اخترع ذلك في تدبير بنائها مخافة أن يتخذها الناس مصلى.
واخذت ايضا من الجهة الشرقية سعة بلاطين فانتظم داخلها من أعمدة الأبلطة