واللون ، مجزّع أبدع تجزيع. والنصف الأعلى من الجدار منزّل كله بفصوص الذهب المعروفة بالفسيفساء ، قد أنتج الصناع فيه نتائج من الصنعة غريبة تضمنت تصاوير أشجار مختلفات الصفات مائلة الأغصان بثمرها. والمسجد كله على تلك الصفة ، لكن الصنعة في جدار القبلة احفل. والجدار الناظر الى الصحن من جهة القبلة كذلك ، ومن جهة الجوف أيضا. والغربي والشرقي الناظران الى الصحن مجردان أبيضان ومقرنصان قد زينا برسم يتضمن أنواعا من الأصبغة ، الى ما يطول وصفه وذكره من الاحتفال في هذا المسجد المبارك المحتوي على التربة الطاهرة المقدسة ، وموضعها أشرف ، ومحلها أرفع من كل ما تزين به.
وللمسجد المبارك تسعة عشر بابا ، لم يبق منها مفتحا سوى أربعة في الغرب : منها اثنان ، يعرف أحدهما بباب الرحمة ، والثاني بباب الخشية ، وفي الشرق اثنان : يعرف أحدهما بباب جبريل ، عليهالسلام ، والثاني بباب الرجاء. ويقابل باب جبريل ، عليهالسلام ، دار عثمان ، رضياللهعنه ، وهي التي استشهد بها. ويقابل الروضة المكرّمة ، من هذه الجهة الشرقية ، روضة جمال الدين الموصلي ، رحمهالله ، المشهور خبره وأثره ، وقد تقدم ذكر مآثره.
وأمام الروضة المكرمة شباك حديد مفتوح الى روضته ، تنسم منها روحا وريحانا. وفي القبلة باب صغير واحد مغلق ، وفي الجوف أربعة مغلقة ، وفي الغرب خمسة مغلقة أيضا ، وفي الشرق خمسة أيضا مغلقة ؛ فكملت بالأربعة المفتوحة تسعة عشر بابا. وللمسجد المبارك ثلاث صوامع : إحداها في الركن الشرقي المتصل بالقبلة ، والاثنتان في ركني الجهة الجوفية صغيرتان كأنهما على هيئة برجين ، والصومعة الأولى المذكورة على هيئة الصوامع.
ذكر المشاهد المكرمة التي ببقيع الغرقد
فأول ما نذكر من ذلك مسجد حمزة ، رضياللهعنه ، وهو بقبلي الجبل