عند صعود الحاج من بغداد الى مكة دون ماء ، فأرسل الله من سحب رحمته ما أترعها ماء معدا لصدر الحاج ، فضلا من الله ، ولطفا بوفده المنقطعين إليه.
ورحنا من ذلك الموضع المذكور وبتنا بموضع يعرف بالتنانير ، وكان فيه أيضا مصنع مملوء ماء. وأسرينا منه ليلة يوم الاحد الثالث والعشرين لمحرم ، واجتزنا سحرا بزبالة ، وهي قرية معمورة ، وفيها قصر مشيد من قصور الأعراب ومصنعان للماء وآبار ، وهي من مناهل الطريق الشهيرة. ونزلنا عندما ارتفع النهار من اليوم المذكور بالهيثمين ، وفيها مصنعان للماء ، ولا نكاد نمر بحول الله يوما بموضع الا والماء يوجد فيه ، والشكر لله على ذلك.
وبتنا ليلة الاثنين الرابع والعشرين لمحرم المذكور على مصنع مملوء ماء ، فسقى الناس بالليل واستقوا. وهذا الموضع هو دون العقبة المعروفة بعقبة الشيطان. ومع الصباح من يوم الاثنين المذكور صعدنا العقبة ، وليست بالطويلة الكؤود ، ولكن ليس بالطريق وعر غيرها ، فهي شهيرة بهذا السبب. ونزلنا عند ارتفاع النهار على مصنع دون ماء وأجزنا مصانع كثيرة ، وما منها مصنع الا والى جانبه قصر مبني من قصور الأعراب ، والطريق كلها مصانع. ورضي الله عن التي اعتنت بسبيل وفد الله هذا الاعتناء.
ثم نزلنا ضحوة يوم الثلاثاء بعده بواقصة ، وهي وهدة من الأرض منفسحة فيها مصانع للماء مملوءة وقصر كبير وبإزائه أثر بناء ، وهي معمورة بالأعراب ، وهي آخر مناهل الطريق ، وليس بعدها الى الكوفة منهل مشهور الا مشارع ماء الفرات ، ومنها الى الكوفة ثلاثة أيام ، وبها يتلقى الحاج كثير من أهل الكوفة وهم مستجلبون إليهم الدقيق والخبز والتمر والأدم والفواكه الحاضرة في ذلك الوقت. ويهنئ الناس بعضهم بعضا بالسلامة ، والحمد لله عزوجل ، على ما منّ به من التيسير والتسهيل حمدا يستوجب المزيد ، ويستصحب من كريم صنعه المعهود.
وبتنا ليلة الأربعاء السادس والعشرين بموضع يعرف بلورة ، وفيها مصنع