ابا ولزرق ، والزوارق فيها لا تحصى كثرة ، فالناس ليلا ونهارا من تمادي العبور فيها في نزهة متصلة رجالا ونساء. والعادة أن يكون لها جسران : أحدهما مما يقرب من دور الخليفة والآخر فوقه لكثرة الناس. والعبور في الزوارق لا ينقطع منها.
ثم الكرخ ، وهي مدينة مسورة.
ثم محلة باب البصرة ، وهي أيضا مدينة ، وبها جامع المنصور ، رحمهالله ، وهو جامع كبير عتيق البنيان حفيله.
ثم الشارع ، وهي ايضا مدينة ، فهذه الأربع أكبر المحلات.
وبين الشارع ومحلة باب البصرة سوق المارستان ، وهي مدينة صغيرة ، فيها المارستان الشهير ببغداد ، وهو على دجلة ، وتتفقده الأطباء كل يوم اثنين وخميس ، ويطالعون احوال المرضى به ، ويرتبون لهم أخذ ما يحتاجون اليه ، وبين أيديهم قومة يتناولون طبخ الأدوية والأغذية ، وهو قصر كبير فيه المقاصير والبيوت وجميع مرافق المساكن الملوكية ، والماء يدخل اليه من دجلة.
وأسماء سائر المحلات يطول ذكرها ، كالوسيطة ، وهي بين دجلة ونهر يتفرع من الفرات وينصب في دجلة ، يجيء فيه جميع المرافق التي في الجهات التي يسقيها الفرات. ويشق على باب البصرة الذي ذكرنا محلته نهر آخر منه وينصب أيضا في دجلة.
ومن أسماء المحلات العتابية ، وبها تصنع الثياب العتّابية ، وهي حرير وقطن مختلفات الألوان.
ومنها الحربية ، وهي أعلاها ، وليس وراءها الا القرى الخارجة عن بغداد الى أسماء يطول ذكرها.
وباحدى هذه المحلات قبر معروف الكرخي ، وهو رجل من الصالحين مشهور الذكر في الأولياء. وفي الطريق الى باب البصرة مشهد حفيل البنيان