بمغالقها وتفقدها ليلا ونهارا.
ورونق هذا الملك انما هو على الفتيان والأحابش المجابيب ، منهم فتى اسمه خالص ، وهو قائد العسكرية كلها ، أبصرناه خارجا أحد الأيام وبين يديه وخلفه أمراء الأجناد من الأتراك والديلم وسواهم ، وحوله نحو خمسين سيفا مسلولة في أيدي رجال قد احتفوا به فشاهدنا من أمره عجبا في الدهر ، وله القصور والمناظر على دجلة.
وقد يظهر الخليفة في بعض الأحيان بدجلة راكبا في زورق. وقد يصيد في بعض الأوقات في البرية ، وظهوره على حالة اختصار تعمية لأمره على العامة ، فلا يزداد أمره مع تلك التعمية الا اشتهارا. وهو مع ذلك يحب الظهور للعامة ويؤثر التحبب لهم ، وهو ميمون النقيبة عندهم قد استسعدوا بأيامه رخاء وعدلا وطيب عيش فالكبير والصغير منهم داع له.
أبصرنا هذا الخليفة المذكور ، وهو أبو العباس أحمد الناصر لدين الله بن المستضيء بنور الله محمد الحسن بن المستنجد بالله أبي المظفر يوسف ، ويتصل نسبه الى أبي الفضل جعفر المقتدر بالله ، الى السلف فوقه من أجداده الخلفاء ، رضوان الله عليهم بالجانب الغربي أمام منظرته به وقد انحدر عنها صاعدا في الزورق الى قصره بأعلى الجانب الشرقي على الشط ، وهو في فتاء من سنه ، اشقر اللحية صغيرها كما اجتمع بها وجهه ، حسن الشكل ، جميل المنظر ، أبيض اللون ، معتدل القامة ، رائق الرواء ، سنه نحو الخمس وعشرين سنة ، لابسا ثوبا أبيض شبه القباء برسوم ذهب فيه ، وعلى رأسه قلنسوة مذهبة مطوقة بوبر أسود من الأوبار الغالية القيمة المتخذة للبّاس مما هو كالفنك وأشرف ، متعمدا بذلك زي الأتراك تعمية لشأنه ، لكن الشمس لا تخفى وان سترت ، وذلك عشية يوم السبت السادس لصفر سنة ثمانين ، وأبصرناه أيضا عشي يوم الاحد بعده متطلعا من منظرته المذكورة بالشط الغربي ، وكنا نسكن بمقربة منها.
والشرقية حفيلة الأسواق عظيمة الترتيب ، تشتمل من الخلق على بشر لا