يونس ، صلىاللهعليهوسلم ، ومحراب هذا البيت يقال. انه كان بيته الذي كان يتعبد فيه ، ويطيف بهذا البيت شمع كأنه جذوع النخل عظما ، فيخرج الناس الى هذا الرباط كل ليلة جمعة ويتعبدون فيه. وحول هذا الرباط قرى كثيرة ، ويتصل بها خراب عظيم ، يقال : انه كان مدينة نينوى ، وهي مدينة يونس ، عليهالسلام ، وأثر السور المحيط بهذه المدينة ظاهر ، وفرج الأبواب فيه بيّنة ، وأكوام أبراجه مشرفة. بتنا بهذا الرباط المبارك ليلة الجمعة السادس والعشرين لصفر ، ثم صبحنا العين المباركة ، وشربنا من مائها وتطهرنا فيها وصلينا في المسجد المتصل بها ، والله ينفع بالنية في ذلك بمنّه وكرمه.
واهل هذه البلدة على طريقة حسنة ، يستعملون أعمال البرّ ، فلا تلقى منهم الا ذا وجه طلق وكلمة لينة ، ولهم كرامة للغرباء واقبال عليهم ، وعندهم اعتدال في جميع معاملاتهم. فكان مقامنا في هذه البلدة أربعة أيام.
المشاهد الدنيوية الحفيلة
ومن أحفل المشاهد الدنيوية المريبة بروز شاهدناه يوم الأربعاء ثاني يوم وصولنا الموصل للخاتونين : أم عز الدين صاحب الموصل ، وبنت الأمير مسعود المتقدم ذكرها ، فخرج الناس على بكرة أبيهم ركبانا ومشاة ، وخرج النساء كذلك ، وأكثرهن راكبات ، وقد اجتمع منهن عسكر جرار. وخرج امير البلد للقاء والدته مع زعماء دولته. فدخل الحاج المواصلة صحبة خاتونهم على احتفال وأبهة قد جللوا اعناق ابلهم بالحرير الملون ، وقلدوها القلائد المزوقة. ودخلت خاتون المسعودية تقود عسكر جواريها وأمامها عسكر رجالها يطوفون بها ، وقد جللت قبتها كلها سبائك ذهب مصوغة أهلة ودنانير سعة الأكف وسلاسل وتماثيل بديعة الصفات ، فلا تكاد تبين من القبة موضعا ، ومطيتاها تزحفان بها زحفا ، وصخب ذلك الحلي يسد المسامع ، ومطاياها مجللة الأعناق