يتشوق الجالس فيها مرأى سواها ولو كان من المرائي الرياضية. وأكثر حوانيتها خزائن من الخشب البديع الصنعة ، قد اتصل السماط خزانة واحدة وتخللتها شرف خشبية بديعة النقش وتفتحت كلها حوانيت ، فجاء منظرها أجمل منظر وكل سماط منها يتصل بباب من أبواب الجامع المكرم.
وهذا الجامع من أحسن الجوامع وأجملها ، قد أطاف بصحنه الواسع بلاط متسع مفتح كله أبوابا قصرية الحسن الى الصحن ، عددها ينيف على الخمسين بابا ، فيستوقف الأبصار حسن منظرها ، وفي صحنه بئران معينان. والبلاط القبلي لا مقصورة فيه فجاء ظاهر الاتساع رائق الانشراح. وقد استفرغت الصنعة القرنصية جهدها في منبره ، فما أرى في بلد من البلاد منبرا على شكله وغرابة صنعته ، واتصلت الصنعة الخشبية منه الى المحراب فتجللت صفحاته كلها حسنا على تلك الصفة الغريبة. وارتفع كالتاج العظيم على المحراب وعلا حتى اتصل بسمك السقف ، وقد قوس اعلاه وشرف بالشّرف الخشبية القرنصية ، وهو مرصع كله بالعاج والآبنوس ، واتصال الترصيع من المنبر الى المحراب مع ما يليهما من جدار القبلة دون أن يتبين بينهما انفصال ، فتجتلي العيون منه أبدع منظر. يكون في الدنيا ، وحسن هذا الجامع المكرم أكثر من أن يوصف.
ويتصل به من الجانب الغربي مدرسة للحنفية تناسب الجامع حسنا واتقان صنعة فهما في الحسن روضة تجاور اخرى. وهذه المدرسة من أحفل ما شاهدناه من المدارس بناء وغرابة صنعة ، ومن أظرف ما يلحظ فيها أن جدارها القبلي مفتّح كله بيوتا وغرفا ولها طيقان يتصل بعضها ببعض ، وقد امتد بطول الجدار عريش كرم مثمر عنبا ، فحصل لكل طاق من تلك الطيقان قسطها من ذلك العنب متدليا أمامها ، فيمد الساكن فيها يده ويجتنيه متكئا دون كلفة ولا مشقة. وللبلدة سوى هذه المدرسة نحو أربع مدارس أو خمس. ولها مارستان.
وأمرها في الاحتفال عظيم ، فهي بلدة تليق بالخلافة ، وحسنها كله داخل لا خارج لها الا نهير يجري من جوفيها الى قبليها ويشق ربضها المستدير بها ، فإن