كل يوم خميس والسرج من الشمع والفتائل تقد في المغارة ، وهي متسعة. وفي أعلى الجبل كهف منسوب لآدم ، صلىاللهعليهوسلم ، وعليه بناء ، وهو موضع مبارك. وتحته في حضيض الجبل مغارة تعرف بمغارة الجوع ، ذكر أن سبعين نبيا ماتوا فيها جوعا ، وكان عندهم رغيف فلم يزل كل واحد منهم يؤثر به صاحبه ويدور عليهم من يد الى يد حتى لحقتهم المنية ، صلوات الله عليهم. وعلى هذه المغارة أيضا مسجد مبني ، وأبصرنا فيه السرج تقد نهارا.
ولكل مشهد من هذه المشاهد أوقاف معينة من بساتين وأرض بيضاء ورباع ، حتى ان البلد تكاد الأوقاف تستغرق جميع ما فيه. وكل مسجد يستحدث بناؤه أو مدرسة أو خانقة يعين لها السلطان أوقافا تقوم بها وبساكنيها والملتزمين لها وهذه ايضا من المفاخر المخلدة. ومن النساء الخواتين ذوات الأقدار من تأمر ببناء مسجد أو رباط أو مدرسة وتنفق فيها الأموال الواسعة وتعين لها من مالها الأوقاف. ومن الأمراء من يفعل مثل ذلك ، لهم في هذه الطريقة المباركة مسارعة مشكورة عند الله عزوجل.
وبآخر هذا الجبل المذكور ، في آخر البسيط البستاني الغربي من هذا البلد ، الربوة المباركة المذكورة في كتاب الله تعالى : مأوى المسيح وأمه ، صلوات الله عليهما ، وهي من أبدع مناظر الدنيا حسنا وجمالا واشراقا واتقان بناء واحتفال تشييد وشرف وضع ، هي كالقصر المشيد ، ويصعد اليها على أدراج. والمأوى المبارك منها مغارة صغيرة في وسطها ، وهي كالبيت الصغير. وبإزائها بيت يقال : انه مصلى الخضر صلىاللهعليهوسلم ، فيبادر الناس للصلاة بهذين الموضعين المباركين ، ولا سيما المأوى المبارك. وله باب حديد صغير ينغلق دونه ، والمسجد يطيف بها ، ولها شوارع دائرة ، وفيها سقاية لم ير أحسن منها ، قد سيق اليها الماء من علو ، وماؤها ينصب على شاذروان في الجدار متصل بحوض من رخام يقع الماء فيه ، لم ير أحسن من منظره. وخلف ذلك مطاهر يجري الماء في كل بيت منها ويستدير بالجانب المتصل بجدار الشاذروان.