جدة ، فأمسكنا بها خلال ما خوطب مكثر الأمير المذكور. فورد أمره أن يضمن الحاج بعضهم بعضا ويدخلوا الى حرم الله ، فان ورد المال والطعام اللذان برسمه من قبل صلاح الدين والا فهو لا يترك ماله قبل الحاج. هذا لفظه ، كأن حرم الله ميراث بيده محلل له اكتراؤه من الحاج. فسبحان مغير السنن ومبدلها.
والذي جعل له صلاح الدين ، بدلا من مكس الحاج ، ألفا دينار اثنان وألفا اردب من القمح ، وهو نحو الثمانمائة قفيز بالكيل الإشببلي عندنا ، حاشا اقطاعات أقطعها بصعيد مصر وبجهة اليمن لهم بهذا الرسم المذكور. ولو لا مغيب هذا السلطان العادل صلاح الدين بجهة الشام في حروب له هناك مع الإفرنج لما صدر عن هذا الأمير المذكور ما صدر في جهة الحاج. فأحق بلاد الله بأن يطهرها السيف ويغسل أرجاسها وأدناسها بالدماء المسفوكة في سبيل الله هذه البلاد الحجازية لما هم عليه من حل عرى الإسلام واستحلال أموال الحاج ودمائهم.
فمن يعتقد من فقهاء أهل الأندلس اسقاط هذه الفريضة عنهم فاعتقاده صحيح لهذا السبب وبما يصنع بالحاج مما لا يرتضيه الله عزوجل. فراكب هذا السبيل راكب خطر ومعتسف غرر. والله قد أوجد الرخصة فيه على غير هذه الحال ، فكيف وبيت الله الآن بأيدي أقوام قد اتخذوه معيشة حرام وجعلوه سببا الى استلاب الأموال واستحقاقها من غير حل ومصادرة الحجاج عليها وضرب الذلة والمسكنة الدنية عليهم ، تلافاها الله عن قريب بتطهير يرفع هذه البدع المجحفة عن المسلمين بسيوف الموحدين أنصار الدّين ، وحزب الله أولي الحق والصدق ، والذابين عن حرم الله عزوجل ، والغائرين على محارمه ، والجادين في اعلاء كلمته واظهار دعوته ونصر ملته ، انه على ما يشاء قدير ، وهو نعم المولى ونعم النصير.
لا اسلام إلا في المغرب
وليتحقق المتحقق ويعتقد الصحيح الاعتقاد أنه لا اسلام الا ببلاد المغرب ،