وللحجر عند تقبيله لدونة ورطوبة يتنعم بها الفم حتى يود اللائم أن لا يقلع فمه عنه ، وذلك خاصة من خواص العناية الإلهية. وكفى أن النبي ، صلىاللهعليهوسلم ، قال : «إنه يمين الله في أرضه». نفعنا الله باستلامه ومصافحته ، وأوفد عليه كل شيق اليه بمنه.
وفي القطعة الصحيحة من الحجر مما يلي جانبه الذي يلي يمين المستلم له اذا وقف مستقبله نقطة بيضاء صغيرة مشرقة تلوح كأنها خال في تلك الصفحة المباركة. وفي هذه الشامة البيضاء أثر : «ان النظر اليها يجلو البصر». فيجب على المقبل أن يقصد بتقبيله موضع الشامة المذكورة ما استطاع.
والمسجد الحرام يطيف به ثلاث بلاطات على ثلاث سوار من الرخام منتظمة كأنها بلاط واحد ، ذرعها في الطول اربع مئة ذراع ، وفي العرض ثلاث مئة ذراع. فيكون تكسيره محققا ثمانية وأربعين مرجعا وما بين البلاطات فضاء كبير ، وكان على عهد رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، صغيرا. وقبة زمزم خارجة عنه ، وفي مقابلة الركن الشامي ، رأس سارية ثابتة في الارض منها كان حد الحرم اولا. وبين رأس السارية وبين الركن الشامي المذكور اثنتان وعشرون خطوة ، والكعبة في وسطه على استواء من الجوانب الأربعة ، ما بين الشرق والجنوب والشمال والغرب. وعدد سواريه الرخامية التي عددتها بنفسي أربع مئة سارية واحدى وسبعون سارية حاشا الجصية التي منها في دار الندوة ، وهي التي زيدت في الحرم ، وهي داخلة في البلاط الآخذ من الغرب الى الشمال ، ويقابلها المقام مع الركن العراقي ، وقضاؤها متسع يدخل من البلاط اليه. ويتصل بجدار هذا البلاط كله مصاطب تحت قسيّ حنايا يجلس فيها النساخون والمقرئون وبعض أهل صنعة الخياطة.
والحرم محدق بحلقات المدرسين وأهل العلم. وفي جدار البلاط الذي يقابله أيضا مصاطب تحت حنايا على تلك الصفة ، وهو البلاط الآخذ من الجنوب الى