عشر خطوة. وما بين الصفا والمروة مسيل هو اليوم سوق حفيلة بجميع الفواكه وغيرها من الحبوب وسائر المبيعات الطعامية ، والساعون لا يكادون يخلصون من كثرة الزحام ، وحوانيت الباعة يمينا وشمالا ، وما للبلدة سوق منتظمة سواها الا البزازين والعطارين ، فهم عند باب بني شيبة تحت السوق المذكورة وبمقربة تكاد تتصل بها.
وعلى الحرم الشريف جبل أبي قبيس ، وهو في الجهة الشرقية ، يقابل ركن الحجر الأسود ، وفي أعلاه رباط مبارك فيه مسجد وعليه سطح مشرف على البلدة الطيبة ، ومنه يظهر حسنها وحسن الحرم واتساعه وجمال الكعبة المقدسة القائمة وسطه. وقرأت في اخبار مكة لأبي الوليد الأزرقيّ أنه اول جبل خلقه الله عزوجل ، وفيه استودع الحجر زمن الطوفان ، وكانت قريش تسميه الأمين لأنه أدى الحجر الى ابراهيم ، صلىاللهعليهوسلم ، وفيه قبر آدم ، صلوات الله عليه ، وهو أحد أخشبي مكة ، والاخشب الثاني الجبل المتصل بقعيقعان في الجهة الغربية. صعدنا الى جبل أبي قبيس المذكور وصلينا في المسجد المبارك. وفيه موضع موقف النبي ، صلىاللهعليهوسلم ، عند انشقاق القمر له بقدرة الله عزوجل. وناهيك بهذه الفضيلة والبركة! والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء حتى الجمادات من مخلوقاته ، لا اله سواه.
وفي أعلاه آثار بناء جص مشيّد كان اتخذه معقلا أمير البلد عيسى أبو مكثر المذكور ، فهدمه عليه أمير الحاج العراقي لمخالفة صدرت عنه ، فغادره خرابا.
وألفيت منقوشا على سارية خارج باب الصفا تقابل السارية الواحدة من اللتين أقيمتا عاما لطريق النبيّ ، صلىاللهعليهوسلم ، الى الصفا داخل الحرم المتقدمتي الذكر : «أمر عبد الله محمد المهدي أمير المؤمنين ، أصلحه الله تعالى ، بتوسعة المسجد الحرام مما يلي باب الصفا ، لتكون الكعبة في وسط المسجد ، في سنة سبع وستين ومئة». فدلّ ذلك المكتوب على أن الكعبة المقدسة في وسط المسجد ، وكان يظن بها الانحراف الى جهة باب الصفا ، فاختبرنا جوانبها المباركة بالكيل ،