. ـ البركة أموالهم فمتى في قرب الوقت ووقعت منهم بعض غفلة في التأهب للخروج اجتمع نساؤهم فأخرجنهم. وكل هذا لطف من الله تعالى لحرمة البلد الأمين.
وبلادهم على ما ذكر لنا خصيبة متسعة كثيرة التين والعنب واسعة المحرث وافرة الغلات ، وقد اعتقدوا اعتقادا صحيحا أن البركة كلها في هذه الميرة التي يحلبونها ، فهم من ذلك في تجارة رابحة مع الله عزوجل.
والقوم عرب صرحاء فصحاء جفاة أصحاء ، لم تغذهم الرقة الحضرية ولا هذبتهم السير المدنية ولا سدّدت مقاصدهم السنن الشرعية ، فلا تجد لديهم من أعمال العبادات سوى صدق النية ، فهم اذا طافوا بالكعبة المقدّسة يتطارحون عليها تطارح البنين على الام المشفقة لائذين بجوارها متعلقين بأستارها فحيثما علقت أيديهم منها تمزق لشدة اجتذابهم لها وانكبابهم عليها. وفي اثناء ذلك تصدع لسنتهم بأدعية تتصدع لها القلوب وتتفجر لها الأعين الجوامد فتصوب. فترى الناس حولهم باسطي ايديهم مؤمنين على أدعيتهم متلقنين لها من السنتهم ، على أنهم طول مقامهم لا يتمكن منهم طواف ولا يوجد سبيل الى استلام الحجر.
واذا فتح الباب الكريم فهم الداخلون بسلام ، فتراهم في محاولة دخولهم يتسلسلون كأنهم بعض ببعض مرتبطون ، يتصل منهم على هذه الصفة الثلاثون والأربعون الى أزيد من ذلك ، والسلاسل منهم يتبع بعضهم بعضا ، وربما انفصمت بواحد منهم ، يميل عن المطلع المبارك الى البيت الكريم. فيقع الكل لوقوعه ، فيشاهد الناظر لذلك مرأى يؤدي الى الضحك.
وأما صلاتهم فلم يذكر في مضحكات الأعراب أظرف منها ، وذلك أنهم يستقبلون البيت الكريم فيسجدون دون ركوع وينقرون بالسجود نقرا ، ومنهم من يسجد السجدة الواحدة ومنهم من يسجد الثّنتين والثلاث والاربع ثم يرفعون رؤوسهم من الارض قليلا وأيديهم مبسوطة عليها ، ويلتفتون يمينا وشمالا التفات المروع ثم يسلمون أو يقومون دون تسليم ولا جلوس للتشهد ، وربما تكلموا في