الإهداء
صديقي الأبرّ العلامة العامل أحمد تيمور باشا حفظه الله :
رأيتك بعد عالمي مصر والشام ، ومفخر العرب وحجة الإسلام ، أستاذينا المعظمين الشيخ محمد عبده والشيخ طاهر الجزائري رحمهماالله ، فردا في المعاصرين من بني قومي ، بأخلاقك الطهر ، وعلومك الغر ، وحرصك على نشر آثار السلف ، وتفانيك في تثقيف عقول الخلف.
ولقد أوليت كتاب «خطط الشام» من معارفك وعوارفك قسطا عظيما وهو لم يبرح ، علم الله ، غرسا ضئيلا ، فلما أن أورق عوده ، وأطعمت شجرته ، كانت خزانة علم الأعلام في عاصمة النيل ، أحق أن تهدى إليها ثمرة طال التوفر على تعهدها في جنات دمشق.
لم تفتأ تبعث همتي على العمل ، وتأخذ بيد عجزي لأقوى على إخراج هذا السفر للناس ، فالآن وقد تحققت الأماني تفضل وزد في الإحسان ، واقتطع من وقتك الثمين ساعات ترشدني بها الى مواطن الضعف منه ، فتقلدني من مننك اللاحقة ، قلادة فوق قلائدك السابقة.
وإني لمعترف بقصوري عن وفاء حق مروءتك ووفائك ، في زمن قلّ فيه أهل المروءات الأوفياء ، ممن لا تبطرهم المظاهر الغرارة ، ولا تسكرهم النعم الدارّة ، ولا تغيرهم البيئات والأجواء.
أعزّ الله بحياتك دولة العلم والأدب ، وعلّم العاملين من إخلاصك ما يستعيدون به عزّة العرب ، وأقال هذه الأمة المحبوبة عثرات الليالي ونزوات الأيام ، وقيض لها من ينعشها بالعلم من تشتت الكلمة والتواء الأعلام ، ليعلو في المجتمع الإنساني سعدها ، ويرتفع في أمم الحضارة الحديثة مجدها ، بحوله وطوله.
محمد كرد علي