دولة المماليك
«من سنة ٦٩٠ الى ٧٩٠»
فتوح أرمينية وعصيان الموارنة بعوامل صليبية :
أصبحت مصر والشام بعد انقضاض الصليبيين من السواحل ، ووضع السيف في بقاياهم ، واعتصام جزء قليل منهم بالموارنة في لبنان مملكة واحدة لا يتخللها أرض لغير مالكها ، ولا ينازعها سلطان من غير المسلمين ، وأصبحت حوادثها وطنية محلية يدور محورها على الاستئثار بالملك ، والذهاب بفضل السبق ، والتفكر فيما يدفع العوادي عن حدود القطر أو يوسعها إلى المدى المقدّر لها ، وبعد أن كانت الشام مصدر الأعمال والسياسة نازعتها مصر في هذا الشأن ، فابتلع القطر المصري الشام وعده كما كان زمن الفاطميين جزءا متمما لمصر لا قطرا مستقلا بنفسه وسياسته. أي إن القوة أصبحت بعد عهد العادل تستمد في الشام من مصر لأنها مقر السلطان ، ومصر بين أقطار تحيط بها الصحاري من أطرافها ، لا سبيل كل حين إلى غزوها كما تغزى الشام من أطرافها الأربعة ، وليس في أمراء برقة وطرابلس وتونس والنوبة والسودان والحبشان من يستطيع أن يغزو مصر ويحلم بفتحها ، ولذلك كانت الشام بعد عهد الأمويين أشبه بإمارة سلطانها الأكبر في مصر ويتولاها نائبه أو نوابه.
ولم يكتب للشام أن تصبح دار ملك بعد عهد الدولتين النورية والصلاحية ، وكان أهم عدو مجاور لها صاحب سيس ، فإن الأرمن كانوا قد جمعوا شملهم بعد أن قضت على سلطانهم الدولة الأيوبية ، وانتزعت منهم خلاط أوائل