خلع الملك المنصور ومقتل غير واحد من إخوته الذين خلفوه :
خلع المنصور أبو بكر فاحتج عليه قوصون الناصري ولي نعمة أبيه بحجج ونسب إليه أمورا ، فأخرجه إلى قوص فقتله واليها ، وأقام الملك أخاه الأشرف كجك وهو ابن ثمان سنين. أي إن الخوارج على السلطنة بعد أن سكنوا بحسن سياسة الناصر محمد بن قلاوون مدة بعد خلعه نفسه ومكثه في الكرك حتى رجع إلى السلطنة وقد أطاعه عسكر الشام ومصر ، ثم عادوا يبدون نواجذ الشر ويقتلون ملكهم ، فقتل الملك الجديد ونصب أخوه الصبي ليكون الحكم لقوصون الناصري كما وقع ذلك في أدوار مختلفة ، ثم أرسل قوصون مع قطلبغا الفخري الناصري عسكرا لحصار أحمد بن الملك الناصر بالكرك ، وسار الطنبغا نائب دمشق والحاج أرقطاي نائب طرابلس بإشارة قوصون إلى قتال طشتمر بحلب ، لأن هذا أنكر على قوصون ما اعتمده في حق أخيه المنصور أبي بكر ، ونهب الطنبغا بحلب مال طشتمر وهرب هذا إلى الروم ، واستمال الناصر في الكرك قطلبغا الفخري ، وكان ذهب لقتاله وحاصره أياما فبايعه وبايع للناصر من بقي من عسكر دمشق المتأخرين عن المضي إلى حلب صحبة الطنبغا ، ثم سار الفخري إلى ثنية العقاب وأخذ من مخزن الأيتام بدمشق مالا ولما بلغ الطنبغا ما جرى بدمشق رجع على عقبه فأرسل إليه الفخري لما قرب من دمشق القضاة ، وطلب الكف عن القتال ، فقويت نفس الطنبغا وأبى ذلك ، وطال الأمر على العسكر فلما تقاربوا بعضهم من بعض لحقت ميسرة الطنبغا بالفخري ثم الميمنة ، وبقي الطنبغا وجماعته في قليل من العسكر ، فهرب الطنبغا ومن معه من القواد إلى جهة مصر ، فجهز الفخري وأعلم الناصر بالكرك وقد خطب له بدمشق وغزة والقدس ، فلما وصل ألطنبغا إلى مصر وهو قوي النفس بقوصون تغير أمر قوصون. وكان قد غلب على الأمر لصغر الملك الأشرف ، ثم قبض جماعة الأمراء على قوصون وأرسلوه إلى الإسكندرية وأهلك بها ، وقبضوا على الطنبغا وحبسوه ، وسافر الناصر أحمد من الكرك وعمل أعزية لوالده وأخيه ، وأمر بتسمير والي قوص لقتله المنصور وخلع الأشرف الصغير ، وجلس الناصر على الكرسي هو والخليفة ثم أعدم الطنبغا وغيره ، وتواتر عزل الولاة والنواب بحلب ، جرى كل هذا في مدة يسيرة. وجرى