فكسروا المماليك كسرة قوية فركب الظاهر برقوق ومن معه من الأمراء وخرجوا من دمشق إلى قبة يلبغا فدخل العوام إلى الميدان ونهبوا برك برقوق وأغلقت أبواب دمشق ، وكان برقوق أشرف على أخذ قلعة دمشق وراج أمره فتعطل بسبب ذلك.
ثم جرد المنصور أمير حاج عسكرا من مصر وجاء الشام لينزع الملك من برقوق ، فلما وصل العسكر إلى غزة تسحب أكثر عسكر المنصور إلى برقوق لأن هواهم كان معه ، ووقعت بين عسكر المنصور وعسكر الظاهر وقعة شقحب (٧٩٢) فانكسر برقوق كسرة قوية وهرب برقوق في نفر قليل من العسكر وتوارى خلف الجبل الذي تحته الملك المنصور والخليفة والقضاة ، فأتى إليه بعض العرب وأخبره بأن الملك المنصور تحت ذلك الجبل ، وكان على يوم من دمشق فكبس عليهم برقوق بمن معه من العسكر وكانوا نحو أربعين إنسانا فذعر عسكر المنصور وغلت أيديهم عن القتال ، فنزل عليهم برقوق كالباز على الطائر واحتوى على كل ما معهم من البرك والأثقال والقماش والسلاح وخزائن المال ، وتسامع بذلك الناس فجاءوا إليه أفواجا من كل مكان ، وبلغ ذلك منطاش وحضر ومعه عساكر دمشق وغيرهم فوقعت بينهم واقعة أعظم من الواقعة الأولى وقتل بها كثير فانكسر الأتابكي منطاش وعسكر دمشق فولوا هاربين وأقام برقوق بمنزلة شقحب ، ثم إن شخصا من الصالحين يقال له الشيخ شمس الدين الصوفي مشى بين الظاهر برقوق وبين المنصور حاج في أن يخلع هذا نفسه ويسلم الأمر إلى برقوق ، فأجاب المنصور إلى ذلك ، وأحضر الخليفة المتوكل والقضاة الأربعة وخلع نفسه من الملك وأشهدوا عليه بذلك. فبايع الخليفة والقضاة الظاهر برقوق بالسلطنة وذلك بمنزلة شقحب ثم رحل إلى مصر فدخلها بلا منازع ، وكان مماليكه قد وطدوا له الأمن قبل وصوله وخطبوا له على المنابر فعاد واستولى على مصر والشام. وبرقوق هو الذي قرض جيش المماليك البرجية.
الخوارج على ملوك مصر :
وملك منطاش (٧٩٢) مدينة بعلبك والتف عليه جماعة من عسكر دمشق