وفارق جكم حلب (٨٠٧) فثار بها عدة من أمرائها ورفعوا لواء السلطان بالقلعة فاجتمع إليهم العسكر وتحالفوا على طاعة السلطان ، وقام بتدبير أمور حلب الأمير يونس الحافظي وامتدت أيدي عرب ابن نعير والتركمان إلى معاملة حلب فقسموها ولم يدعوا لأحد من الأمراء والأجناد شيئا. ومدحه المؤرخون بأنه كان يتحرى العدل ويحب الإنصاف ، ولا يتمكن أحد معه من الفساد.
وفي سنة (٨٠٧) حاصر دمرداش نائب حلب أنطاكية وبها فارس ابن صاحب الباز التركماني فأقام مدة ولم يظفر بها بطائل وكان جكم مع فارس فتوجه جكم بعده إلى طرابلس فغلب عليها ثم توجه إلى حلب فنازلها وبها دمرداش فالتقيا وجرى بينهما قتال فانكسر دمرداش وخرج من حلب فركب البحر إلى القاهرة ، وملكها جكم ثانية ثم خرج إلى جهة البيرة وغزا التركمان وأسر منهم جما كبيرا. والتف نوروز الحافظي على شيخ المحمودي نائب طرابلس وأظهرا العصيان والتف عليهما جماعة من النواب وصاروا يأكلون الأقاليم الشامية والحلبية من غزة إلى الفرات وليس بيد الملك الناصر سوى مصر. وخربت صفد وأعمالها خرابا شنيعا وذلك لأن شيخا المحمودي ومن معه من النواب والتركمان حاصروها مدة لأن واليها بكتمر جلق لم يوافقهم على رغائبهم من جهة سلطان مصر. وخرج نعير بن مهنا الحياري البدوي (٨٠٨) على أعمال دمشق فأخرج يلبغا العساكر وتواقعوا بالقرب من قرية عذراء خارج دمشق فانهزمت عساكر الشام وأمراء غرب بيروت واستولت العرب على دمشق وزادوا في الجور والضرب. واستولى التركمان على كثير من العمالات بقيادة رأسهم اياس ووصلوا إلى حماة فغلبوا عليها ثم ردوا عنها.
وقائع التركمان مع الناشزين على السلطان :
وفي سنة (٨٠٨) كانت الوقعة العظمى بين جكم نائب حلب والتركمان ورئيسهم فارس ويدعى إياس بن صاحب الباز صاحب أنطاكية وغيرها ، وكان قد غلب على أكثر الأصقاع الشمالية ودخل حماة وملكها ، وعسكره يزيد على ثلاثة آلاف فارس غير الرجالة فواقعه جكم بمن معه فكسره كسرة فاحشة ، وعظم قدر جكم بذلك وطار صيته ، ووقع رعبه في قلوب التركمان