فاعتقل الأربعة وكتب إلى المؤيد بخبره فأرسلهم إلى قلعة صرخد.
وفي سنة (٨١٧) خرج المؤيد شيخ من مصر في العساكر قاصدا إلى دمشق للقضاء على نوروز. وكان قد حصن دمشق وركب على سورها المدافع من كل جانب ، فحاصره المؤيد شيخ حصارا طويلا ونصب حول دمشق عدة مجانيق حتى غلب نوروز وسلم نفسه إلى شيخ فقطع رأسه ، وكان نوروز مهابا شديد البأس سفاكا للدماء ، ما كان في عسكر إلا انهزم ولا ضبط أنه ظفر في وقعة قط ، وهو الذي عمر قلعة دمشق بعد تيمور لنك. ومهد المؤيد شيخ الديار الشامية وعزل من عزل وولى من ولى ، وخلع على قانباي المحمدي واستقر به نائب الشام وخلع على إينال الصصلاني واستقر به نائب حلب ، وخلع على سودون بن عبد الرحمن واستقر به نائب طرابلس ، وخلع على جاني بك البجاسي واستقر به نائب حماة ، ولم يلبث هؤلاء النواب (٨١٨) أن خامروا على الملك المؤيد شيخ وخرجوا عن الطاعة ، فجرد إليهم المؤيد ثانيا ، وخرج إليهم بنفسه وأوقع معهم فانتصر عليهم ، وقبض على قانباي المحمدي نائب الشام وقطع رأسه ، ثم قبض على إينال الصصلاني وقتله على صدر أبيه ثم قتل الأب بعد ذلك ، ثم ولى جماعة من الأمراء نوابا غير هؤلاء ورجع إلى الديار المصرية ، فلم يقم سوى مدة يسيرة حتى خامر النواب أيضا فجرد إليهم ثالث مرة وخرج بنفسه فلما بلغ النواب مجيئه هربوا من وجهه وتوجهوا إلى قرا يوسف أمير التركمان فنصب الملك المؤيد نوابا غيرهم ممن يثق بهم ، ومهد الأقاليم الدمشقية والحلبية وقطع شأفة النواب الذين عصوا سلطانه ، ومن الأحداث في هذا الدور دخول قرا يوسف التركماني من العراق إلى حلب (٨٢١) في نحو ألف فارس فجفل من كان خارج مدينة حلب بأجمعهم ، واضطرب من بداخل سور حلب وألقوا بأنفسهم من السور ولم تسكن الحالة إلا بعد رحيله.
هلاك المؤيد شيخ وسلطنة ابنه في القماط :
هلك الملك المؤيد شيخ سنة (٨٢٤) وكان ملكا جليلا كفؤا للسلطنة وافر العقل مقداما في الحرب عارفا بمكايدها وحيلها وقت التقاء الجيوش