الأشرفية البرسبيهية فإنها من خالص الذهب ، وكان عنده معرفة بأحوال السلطنة كفؤا للملك، كثير البر والصدقات ، وله معروف وآثار ، لكنه كان عنده طمع زائد في تحصيل الأموال محبا لجمعها من المباشرين وغيرهم قال : وكان من خيار ملوك الشراكسة.
وكان تولي رجل عظيم مثل برسباي زمام السلطنة بعد سخافة فرج وابنه الطفل وسخافة ططر وابنه من أجمل الموافقات. أعاد إلى السلطنة عزها الذي أولاها إياه مؤسسها برقوق. وبرسباي لا يقلّ عنه تدبيرا وحنكة وربما امتاز عنه بأمور.
الملك العزيز يوسف والملك الظاهر جقمق :
تولى الملك بعد الأشرف برسباي ابنه يوسف وسمي الملك العزيز وله من العمر أربع عشرة سنة وجعل الأتابكي جمقمق العلائي نظام المملكة ثم خلع (٨٤٢) وجعل جقمق سلطانا ولم يملك العزيز سوى ثلاثة أشهر وخمسة أيام. وفي سنة (٨٣٧) ندب السلطان العساكر إلى قتال الأرمن فملكوا مدينة أياس. وفي سنة (٨٤٣) خرج إينال الجكمي نائب دمشق عن الطاعة وأظهر العصيان على السلطان وكذلك تغري برمش نائب حلب فعين السلطان لهما تجريدة من مصر ، وخلع على المقر السيفي أقبغا التمرازي واستقر به نائب دمشق عوضا عن إينال الجكمي ، وخلع على المقر السيفي يشبك السودوني واستقر به أتابك العساكر عوضا عن أقبغا التمرازي فأوقعا مع النائبين العاصيين وأسراهما وقطعا رأسيهما وأرسلاهما إلى القاهرة.
وفي سنة (٨٥٥) طرق صور زهاء عشرين مركبا للفرنج ونهبوا من بها فأدركهم ابن بشارة مقدم العشير وقاتلهم قتالا شديدا حتى أزاحهم عن البلد بعد أن قتل من الفريقين جماعة وأمسك من الفرنج جماعة وقطع رؤوسهم. وفي سنة (٨٥٦) ركب طوغان نائب الكرك بمماليكه فكبس بعض عرب الطاعة وقاتلهم حتى ظفر بجماعة منهم فأسرف في قتلهم ثم نزل بمكان هناك فكثر عليه جماعة منهم فقاتلهم ثانيا فكسروه وقتلوه أسوأ قتلة. وهدأ القطر من الفتن والتجاريد على عهد الظاهر جقمق المتوفي سنة (٨٥٧) وكانت مدة سلطنته