الدولة العثمانية
«من سنة ٩٢٢ ه إلى ١٠٠٠ ه»
حالة الشام قبيل الفتح العثماني :
كانت الشام أخت مصر في آخر الدولة الشركسية تقاسمها شقاءها شق الأبلمة ، فيستبد المتغلبة من المماليك بالأحكام بحسب ضعف صاحب مصر وقوته ، والصالح في نوابها وملوكها قليل. ولم يسعد القطران بعد فتنة تيمور لنك بسلطان عادل يطول عهده ليعرف مواقع الضعف فيسد خللها ، ويزيح بحسن الإدارة عللها. وشغل ملوك الشراكسة بالتجاريد على حسن الطويل وشاه سوار وابن عثمان من الملوك في شمالي المملكة وشرقها يجردونها فيجردون بها الرجال والأموال ، وقد خرج الناس بعد وقائع الصليبيين والمغول وما أعقبها من الأوبئة والزلازل والمجاعات أعرى من مغزل ، وأزمنت الفوضى في أرجائها فساءت حالتها الاقتصادية والاجتماعية.
أحسّ أكثر الناس بما عرض للدولة من الضعف فأخذوا يتطلعون إلى الدولة العثمانية، وكانت إلى الشام ومصر أقرب الدول الإسلامية الكبرى ، هذا والدولة العثمانية إذ ذاك في إبان شبابها ، وقد وقرت في النفوس منذ أسس بنيانها السلطان عثمان التركماني سنة (٦٩٩) على أنقاض دولة السلجوقيين ، ولا سيما بما قام به محمد الثاني فاتح القسطنطينية من الغزوات والفتوحات ، وتوفق له من فتح عاصمة الروم البيزنطيين بعد أن حاول كثير من ملوك العرب وغيرهم ذلك فلم يفلحوا لبعدها عن مواطن قواتهم ، ولقوة سلطان القسطنطينية في تلك العصور ، والأمور مرهونة بأوقاتها.