فتوق وغارات وتأذي السكان :
ولما مهد السلطان سليم الديار الشامية والمصرية عصى عليه محمد بن الحنش المتغلب على صيدا والبقاعين وشيخ الأعراب (٩٢٤) ثم هرب واتهم الأمير زين الدين والأمير قرقماز والأمير علم الدين سليمان أنهم من حزبه فقبض عليهم الغزالي وبعث برأس ابن الحنش ورأس ابن الحرفوش إلى السلطان سليم في حلب وأطلق سراح هؤلاء المعتقلين ، وكان ابن الحنش كثير العصيان على نواب حلب وعلى سلاطين مصر. ولما ملك ابن عثمان دمشق امتنع من مقابلته ، ثم اضطربت أحوال جبل نابلس وصار العربان ينهبون الضياع التي حول حاضرتها ويقتلون أهلها. وفي مدة إقامة السلطان سليم في حلب لدن عودته من فتح دمشق ومصر قتل بعض أشرار حارة بانقوسا ، ولما بلغه أن الشاه إسماعيل الصفوي يريد أن يهاجم حلب أخذ يطيب خاطر الحلبيين ورفع عنهم ما كان أثقل كواهلهم به من الضرائب والمكوس وأنشأ يعنى بتحصين حلب.
ومن أعمال الغزالي استيلاء العربان (٩٢٥) على الحاج الشامي فخرج إليهم ومعه نائب غزة ونائب الكرك ، فاقتتل مع العربان وقتل منهم جماعة وغنم أموالهم. وفي السنة التالية أتى الفرنج إلى ساحل بيروت وحاصروا من بها فكسروهم وملكوا بيروت وظلوا فيها ثلاثة أيام ، فلما بلغ نائب الشام ذلك عين دواداره (١) ومعه الجمّ الكثير من العساكر فتوجهوا إلى بيروت واقتتلوا مع الفرنج. وكان بين الفريقين واقعة قتل فيها كثير منهم وأسر ثلاثمائة إنسان منهم وغنموا منهم أشياء كثيرة من سلاح وقماش ، وقيل : أسروا جماعة من أولاد الملوك الفرنج وملكوا ثلاثة من كبار مراكبهم. ويقول ابن طولون : إنه قتل من المسلمين مئة ومن الفرنج أربعمائة جاءوا في زي الأروام وجيء برؤوس الإفرنج إلى دمشق (٩٢٦).
__________________
(١) الدوادار : حامل الدواة ويطلق في عهد المماليك على أشخاص يوصلون كتب السلطان ويقدمون إليه السفراء وغيرهم ممن يتمثلون أمام الملك.