متكافئة لأن الدولة كانت تعضد ابن سيفا سرا حتى لا يتعاظم نفوذ ابن معن ، ولكن شتان بين الرجلين في الغناء وبعد النظر.
فتن في الساحل :
وفي سنة (١٠٤٤) حارب الأمير عساف بن يوسف سيفا الأمير علي بن عساف وأحرق بلاد جبيل والمنيطرة وقتل من جماعة عساف كثيرون ، وكثرت الحكام والأحزاب في لبنان وظلموا الرعايا وأخذوا المال الأميري مرتين ، وقبضوا على رؤساء القرى وشددوا عليهم ليخبروا عن أرزاق بيت معن وبيت الخازن ، وفي السنة التالية باغت الأمير علي بن سيفا قرية أميون وأحرقها ، فجمع خاله الأمير عساف الرجال ودارت الحرب بينهما في أرض عرقة فانكسرت جماعة الأمير علي ، ثم أعاد هذا الكرة على خاله في عناز من بلاد الحصن فظفر به الأمير عساف وقتل من جماعته مقتلة كبيرة واشتد الضيق بالناس.
وفي سنة (١٠٤٦) قصد أحمد الشمالي اغا الانكشارية مقاتلة الأمير علي بن علم الدين لتأخره في أداء المال السلطاني ومعه متولي صفد وبيروت وطرابلس فانهزم قدامهم ، ورحل معه يمنية الغرب والجرد والمتن والشحار والشويفات بعيالهم ومواشيهم وكانوا نحو سبعة آلاف نفس فدخلوا كسروان ، وانهزم من قدامهم القيسية وكسروهم في مرحاتا ، ثم طردوهم من كسروان فساروا إلى عكار وسار عسكر الدولة على طريق الساحل ودخلوا طرابلس وخرجوا إلى نهر البارد فانهزموا من أمامهم ولحقوهم بأرض الجون فكسروهم وسبوا حريمهم وأخذوا مواشيهم ، ثم إن طروبه البدوي تداخل بالصلح بين الأمير عساف وابن أخته علي فرجع ابن علم الدين إلى بيروت. ولما حدث ذلك الاختلال في الساحل ظهر الأمير ملحم بن معن وحكم الشوف ، وجمع بيت الحرفوش سكمانهم وعربانهم لاسترجاع بعلبك فخرج إليهم نائب دمشق بعسكره ووقع بينهم الحرب فظفر النائب ببيت الحرفوش وقتل منهم مقتلة عظيمة. أي إن الحال لم تستتب في لبنان بهلاك الأمير فخر الدين المعني ، وقد جرت شؤون كثيرة من خراب وقتل وئشنق في السنين التي أعقبت قتله حتى آخر عهد مراد الرابع.