وفي تقرير لأحد قناصل البندقية أن منصب الوالي كان في الاستانة يكلف من ٨٠ إلى ١٠٠ ألف دوكا ومنصب الدفتردار يباع من ٤٠ إلى ٥٠ ألف دوكا ومنصب القاضي يساوي أقل من هذه القيمة ، وكلهم إذا جاءوا البلد الذي عينوا له يسلبون النعمة ويعرقون اللحم ويكسرون العظم.
دور أحمد الثاني وفتن :
توفي سليمان الثاني سنة (١١٠٢) فتولى السلطنة أخوه أحمد الثاني وهو الحادي والعشرون من ملوك آل عثمان والسادس عشر منهم في القسطنطينية. وفي أيامه (١١٠٣) عاقبت الدولة أعيان دمشق على ما بدا منهم في معاملة حمزة باشا على ما تقدم ، وأرسلت حملة على أبناء سرحان حمادة (١١٠٣) النازلين في جبال طرابلس وكان لهم قبائل وعشائر ، فاتفقوا مع أبناء معن حكام صيدا وبيروت ، فصاروا يلتزمون أموال الحكومة ولكن لا يؤدون إليها مطاليبها في آخر السنة ، حتى قلت واردات الدولة فأوعزت إلى محافظ الإيالة المذكورة الوزير علي باشا فجمع ما تيسر له من الأجناد وذهب إلى جبالهم التي امتنعوا فيها فقتل منهم كثيرين وأخذ زعماءهم وجعلهم طعاما لسيوف رجاله ، وطلب أبناء معن الأمان فأجيبوا إليه وتخلصت المقاطعات من تعديهم وظلمهم. ونزع الحكم من آل حمادة وكانوا في بعلبك والهرمل وعكار وجبيل والبترون والضنية والزاوية والجبة وانهزموا على طريق العاقورة فلحقتهم العساكر ومات منهم ومن عيالهم نحو مائة وخمسين نفسا من الثلج ، ولما وصلوا إلى قرية الفرزل أتتهم العساكر وأبادتهم ولو لم يعف عنهم المشايخ الخوازنة ما سلم أحد منهم ، وحرّقت القرى وفتشوا عنهم وقرضوهم على بكرة أبيهم. وتوجه (١١٠٣) الأمير يونس شهاب من وادي التيم ودخل بلاد بشارة بعسكر عظيم فقتل ونهب ثم أرسل والي طرابلس إلى ابن معن يعرض عليه القطائع التي كانت لآل حمادة فلم يقبل وأجاب أنه لا يمكنه إجابة الطلب بسبب خراب الأقاليم ، وأخذ والي طرابلس يتأثر من بقي من بني حماده في السهل والجبل حتى أفناهم واستعان بولاة دمشق وصيدا وحلب وغزة على