عملا يذكر اللهم إلا ما كان من تبديل وزرائه والإفراط في هذا التبديل ، وكان يميل إلى الطرب والصفا ويعمر الأبنية في العاصمة وأسس بعض دور الكتب وفي خلال ذلك تولى دمشق وإمارة الحاج حسين باشا مكي ولم يكن شرها في جمع المال ويميل إلى العدل وحسن الرياسة غير أنه كما قال المرادي : كان بطيء الحركة عن شهامة الوزراء ، فبسبب ذلك حصل من الجند الوطني والقبوقول (الحرس) وغيرهما من طوائف الأكراد والعسكر فتن وحروب وحصل للأعيان والرؤساء الضيق العظيم وقامت عليهم الناس.
وفي سنة (١١٧٢) هلك السلطان عثمان بعد أن ملك ثلاث سنين وثمانية أشهر وخلفه مصطفى الثالث فافتتح العهد بالإعلان بتبديل السياسة ولكن كان عهده كما قال مؤرخو الفرنج عهد انهيار المملكة الانهيار التام وسيادة الاشمئزاز على الناس ، ووضع ثقته في وزيره رجب باشا فأحسن وكان رجب ذكيا ومخلصا. وفي سنة (١١٧٤) كان واليا على دمشق عثمان باشا الكرجي وكان يلقب بالصادق ، وسبب هذا اللقب أنه كان من بعض مماليك أسعد باشا العظم وهذا يحبه لنباهته ، ولما قتل أسعد باشا وضبطت الدولة داره وأمواله طلبوا عثمان هذا فأخبرهم بخزائن مولاه ، ثم وجدت قائمة بين تلك الأموال فكانت مطابقة لكلامه فأنعمت عليه الدولة ولقبته بالصادق ، وتولى ولاية دمشق إحدى عشرة سنة (١١٧٤ ـ ١١٨٥) ومما وقع في أيامه ركوبه لحرب محمد الجرّار إلى قلعة صانور ، أرسل إلى الأمير يوسف فبعث بعسكره والتقى به عثمان باشا فعظم أمره عنده وأكرمه ، وأصلح الأمير إسماعيل الشهابي حاكم حاصبيا قلعة بانياس وبنى ما كان قد هدم منها من زمان ابن معن وأقام بها فحاصره عثمان باشا الصادق مدة وجيزة ثم سلمه القلعة ونهب عثمان باشا كل ما كان فيها وأمر بهدمها.
سيرة ظاهر العمر الزيداني وسياسته :
استراحت الدولة من ناحية الشام لوجود وال مخلص لها في دمشق عثمان باشا الكرجي الصادق ، فتركته وشأنه يعمل باسمها ويقاتل أعداءها ، فطالت ولايته على حين تقلبت حلب في مدة حكمه على دمشق إحدى عشرة سنة في أيدي