بما أصابهم من أضرارها في الساحل. وملك نور الدين بعلبك وقلعتها ، وكانت بيد الضحاك البقاعي فامتنع بها فلم يمكن نور الدين محاصرته لقربه من الفرنج فتلطف معه حتى ملكها. وفيها كان انفساخ الهدنة بين الفرنج وملك مصر فبعث بسرية الى غزة نهبت أطرافها وسارت إلى عسقلان فأسرت وغنمت وعادت بالغنائم الى مصر ، ثم سيّر عسكر آخر فمضى الى الشريعة فأبلى بلاء حسنا ، وندب مراكب في البحر فسارت الى بيروت وغيرها فأوقعت بمراكب الفرنج الفرنج فأسرت منهم وغنمت ، وسيّر عسكر الى الشوبك والطفيلة فعاثوا في أرجائهما ورجعوا بجر الحقائب يحملون الأسرى ، وسير الأسطول المصري إلى عكا فأسر من أهلها نحو سبعمائة نفس بعد حروب ، وندب سرية أردفها بأخرى فوصلت غاراتهم إلى أعمال دمشق فغنموا وعادوا.
وملك الفرنج حصن حارم (٥٥٣) وشنوا الغارة على الأعمال الشامية وأطلقوا أيديهم بالنهب والإخراب في أعمال حوران والإقليم ، وقصدوا داريا وأحرقوا منازلها وجامعها وتناهوا في إخرابها ، فخرج إليهم من العسكرية والأحداث العدد الكثير فهموا بالرجوع. وأغار عسكر نور الدين على أعمال صيدا وما قرب منها ، فغنموا أحسن غنيمة وخرج إليهم من كان بها من خيالة الفرنج ورجالتها وقد كمنوا لهم فغنموهم وقتل أكثرهم وأسر الباقون. وتجمع الفرنج فنهض نور الدين للقائهم فانهزم هذه المرة نور الدين لتفرق عسكره وسار عسكر مصري إلى بيت المقدس فعاث وخرب ، وجرت وقعة على طبرية انكسر فيها الفرنج وأقلعت خمس شوان من مصر فدوخت ساحل الشام وظفرت بمراكب الفرنج وعادت بالغنائم والأسرى. وفي سنة (٥٥٤) حشد ملك الروم ووصل الى الشام وجمع نور الدين عليه العساكر فعادوا من حيث أتوا وغنمهم المسلمون.
مرض نور الدين وإبلاله وتتمة فتوحه وهزيمته في البقيعة :
من أعظم البلاء على ممالك الإسلام قديما مسألة وراثة الملك ، فلم تكن قائمة على قاعدة ثابتة لا تتصل فيها إلا القوة ، وصاحبها قد يحرم غيره ممن هم أقرب نسبا من السلطان المتوفى ، فلقد مرض نور الدين (٥٥٤) مرضا شديدا وأرجف بموته بقلعة حلب فجمع أخوه أمير ميران بن زنكي جمعا وحصر هذه القلعة وكان