الدولة الصلاحية
«من سنة ٥٦٩ الى سنة ٥٨٩»
أولية صلاح الدين والملك الصالح :
توفي نور الدين محمود بن زنكي وكان له السلطان الأكبر على القلوب تحبه رعيته ويخافه أعداؤه ويحترمونه ، وبعدله وسيرته وجميل سياسته وإداراته ، وطد أساس ملكه ، ووحد كلمة الشام ومصر والجزيرة ، وأنشأ عظماء في دولته كانوا ساعده الأيمن وعضده الأقوى ففتحوا الفتوح باسمه ويمن نقيبته ، وصدروا كلهم عن رأيه ومشورته ، ومن أعظمهم بل أعظمهم صلاح الدين يوسف بن نجم الدين أيوب. وأصل صلاح الدين من دوين بلدة في آخر عمل أذربيجان من جهة إيران وبلاد الكرج وهم أكراد زوادية وهي قبيلة كبيرة تعد من أشراف الأكراد ، وانتقل أهله من هناك إلى العراق ثم عين نجم الدين أيوب والد صلاح الدين محافظا لقلعة تكريت وفيها ولد ابنه هذا ، وكان نجم الدين أيوب بن شاذي حسن الخلق عادلا شجاعا كريما دينا محسنا ربي في الموصل ونشأ شجاعا باسلا وخدم السلطان محمد بن ملكشاه السلجوقي ، فرأى منه أمانة وعقلا وسدادا وشهامة ، فولاه قلعة تكريت فقام في ولايتها أحسن قيام ، حتى عمرت أرضها وأمنت سبلها ثم أضيفت إليه ولايتها ، وكان نجم الدين عظيما في أنفس الناس بالدين والخير وحسن السياسة ، واتصل بنور الدين محمود فكان من جملة قواده ونوابه. وهذا الرجل العظيم هو الذي أولد رجلا أعظم وهو صلاح الدين.
وكأن الزمن العصيب الذي ظهر فيه ظهير الدين ثم نور الدين ثم صلاح الدين كان يتطلب ملوكا كفاة أثبتوا بالعمل مقدرتهم السياسية والحربية ، وأبرزوا