قلعة حارم فأصروا على الامتناع حتى مات من العذاب ، ووصل الفرنج من حصار حماة ، وحصروا حارم أربعة أشهر فداراهم الصالح بمال فرحلوا عنها بعد بلوغ أهلها الجهد ، ثم أرسل الملك الصالح عسكرا فحصروها وملكوها.
فتوح صلاح الدين ووفاة الملك الصالح :
أرسل صلاح الدين (٥٧٤) إلى شمس الدين بن المقدم ليسلم بعلبك إلى توران شاه فعصى بها فحصره صلاح الدين تسعة أشهر ثم عوض عنها وسلمها إلى توران شاه (٥٧٥) وبعث السرايا والغارات إلى أرض الفرنج بعد موت ملكهم ، وكان هذا يريد أن يغير على دمشق فأخذه رجال صلاح الدين وأسروه وغنموا ما مع جماعته ، وفتح صلاح الدين حصنا كان بناه الفرنج عند مخاضة الأحزان بالقرب من بانياس ، وكان الفرنج انتهزوا فرصة مقام صلاح الدين على بعلبك واشتغاله بأمرها فبنوا حصنا على مخاضة بيت الأحزان وبينه وبين دمشق مسافة يوم وبينه وبين صفد وطبرية نصف يوم ، فراسل السلطان الفرنج في هدمه فأجابوا أنه لا سبيل الى هدمه إلّا أن يعطينا ما غرمنا عليه فبذل لهم السلطان ستين ألف دينار فامتنعوا فزادهم إلى أن بلغ مائة ألف دينار ، وكان الداوية أصحاب الحصن لقطعون هناك الطرق على القوافل فخربه المسلمون ، وكانت الحرب بين عسكر صلاح الدين ومقدّمهم ابن أخيه تقي الدين عمر وبين عساكر قليج أرسلان بين مسعود صاحب الروم ، وسببها أن حصن رعبان كان بيد شمس الدين بن المقدم فطمع فيه قليج أرسلان وأرسل إليه عسكرا كثيرا ليحصروه وكانوا قريب عشرين ألفا فسار إليهم تقي الدين في ألف فارس فهزمهم وكان تقي الدين يفتخر ويقول هزمت بألف عشرين ألفا. وفي هذه السنة أحرق الإسماعيلية أسواق حلب وافتقر أهلها بذلك وكانت إحدى الجوائح التي أصابت الشهباء وسكانها. وسار صلاح الدين (٥٧٦) إلى مملكة قليج أرسلان صاحب الروم ووصل إلى رعبان ثم اصطلحوا فقصد صلاح الدين ولاية ابن ليون الأرمني وشن فيها الغارات فصالحه ابن ليون على مال حمله وأسرى أطلقهم.
وفي سنة (٥٧٧) عزم صاحب الكرك الفرنجي على المسير إلى المدينة المنورة للاستيلاء على تلك النواحي ، وسمع ذلك عز الدين فرخشاه نائب عمه صلاح