ومصر خالية ، فأدى هذا الاختلاف إلى انصراف ملك الهنكر مغاضبا إلى بلده فتوجهت باقي عساكرهم إلى دمياط فوصلوها ، والعادل نازل على خربة اللصوص بالشام وقد وجه بعض عساكره إلى مصر. وأقام العادل بمرج الصّفّر وأرسل إلى ملوك الشرق مستحثا لعساكرهم. ثم سار الفرنج إلى الديار المصرية ونزلوا على دمياط وسار الكامل من مصر ونزل قبالتهم ، وأرسل العادل العساكر التي عنده لدفعهم.
وخرب المعظم قلعة الطور (٦١٥) بعد أن غرم المسلمون على بنائها أموالا كثيرة واشتغلت فيها جيوش ، وذلك مخافة أن تكون سببا للاستيلاء على دمشق. ولما مات الظاهر صاحب حلب وأجلس ابنه العزيز وكان طفلا ، طمع صاحب الروم كيكاوس في الاستيلاء على حلب ، وكان موت الملك ونصب طفل من أبنائه سببا كبيرا لطمع أعداء المملكة بأخذها. فاستدعى الأفضل صاحب سميساط واتفق معه كيكاوس أن يفتح حلب وعمالتها ويسلمها إلى الأفضل ، ثم يفتح الأصقاع الشرقية التي بيد الأشرف بن العادل ويتسلمها كيكاوس ، وتحالفا على ذلك فاستولى كيكاوس على رعبان وسلمها إلى الأفضل ، فمالت إليه القلوب لذلك ، ثم سار إلى تل باشر فأخذها لنفسه فنفر الأفضل منه وتغيرت الخواطر عليه ، ووصل الأشرف إلى وحلب لدفع كيكاوس عن المملكة ، ووصل إليه بها مانع بن حديثة أمير العرب في جمع عظيم وكان كيكاوس سار إلى منبج وتسلمها لنفسه ، واتقع بعض عسكر الأشرف مع عسكر كيكاوس فانهزمت مقدمة هذا فولى كيكاوس منهزما ، ثم حاصر الأشرف تل باشر واسترجعها مع رعبان وغيرها وتوجه الأفضل إلى سميساط. وفي هذه السنة ورد الأمر إلى المعتمد والي دمشق بالاهتمام والاستعداد واستخدام الرجال وتخريب دروب قصر حجاج والشاغور وطرف البساتين ونقل غلة داريا إلى القلعة وتغريق أراضيها بالماء فإن الفرنج مظهرون قصدها. والتقى المعظم بالفرنج على القيمون فانتصر عليهم وقتل منهم مقتلة عظيمة وأسر من الداوية.
وفاة العادل :
توفي الملك العادل في عالقين في الجيدور (٦١٥) وكان نازلا بمرج الصفر وقد أرسل العساكر إلى مصر وولده الكامل بالديار المصرية ومدة ملكه نحو ١٩ سنة. وكان حازما متيقظا غزير العقل سديد الآراء ذا مكر وخديعة ، توصل بدهائه إلى أن يرشي نساء قواد الصليبيين بالجواهر والمصنوعات الدمشقية