أصبح الرقص في الغرب علما بذاته ولكن العرب لم يقصروا فيه ، ولا سيما في عصور البذخ والرفاهية. وبعض المحققين من علماء المشرقيات من الأسبان والبرتغال (مجلة الزهراء) يبرهنون الآن على أن موسيقى الأوربيين وشعرهم انتقلا من فارس إلى أوربا بواسطة العرب ، ومنهم من ينشر منذ سنين قطعا قديمة ويبين ما فيها من آثار الروح الشرقي ، وكان لنا في الشام نوع من الرقص يسمونه بالسماح (ولعله السماع) يرقصه عدة أشخاص على نغمات متساوقة من الأوتار وترديد جميل من الموشحات فقط ، وهو أشبه بالأوبرا أو الأوبريت opera, operette عند الإفرنج أي القصائد الملحنة التي تمثل على نغمات الموسيقى فقط ، ويزيد رقص السماح على الأوبرا كونه ترفع فيه الأصوات بأنغام مألوفة.
وفي كتاب مفرح النفس : واعلم أن من الرياضيات البدنية التي تختص بالنفس اختصاصا كثيرا إلى الغاية الرقص ، وهو عبارة عن حركة متناسبة من اليدين والرجلين بضرب من الضروب المعروفة في الموسيقى بإرادة النفس وشوقا إلى محل طلبها الأصلي ، قال : إن الرقص مندوب إليه في ترويح الأرواح ونفي كدورة النفس وحصول الإشراق لها ، ويجب أن يكون مع سكون وتجمع من الذهن والعقل فتحصل اللذة والبهجة ، فالرقص له في إحداث راحة النفس وسرورها قوة عظيمة يعجز اللسان عن وصفها والذهن والعقل عن تصورها ا ه.
التمثيل :
ويدخل في باب الرقص أو في باب الموسيقى (فن التمثيل) وهو وإن كان مشهورا في الشام على عهد الرومان واليونان ، بدليل ما نراه من الملاعب الخاصة به وبعرض الحيوانات والصراع في البتراء وعمان وبعلبك وأفامية ولدّ وقيسارية وغيرها من المدن القديمة. إلا أنه لم يعهد على الصورة المعروفة حديثا ، اللهم إلا على الندرة عند عرب الأندلس ، وهذا في بعض الروايات. ولقد قالوا : إن أنطاكية أيام عزها ارتقى فن التمثيل فيها حتى كانت تجلب الممثلين من صور وبيروت والمغنين من بعلبك. وقال بعضهم : إن السبب في عدم العناية بالتمثيل في الإسلام حجاب النساء. والتمثيل لا يتم بدون مشاركة الجنس اللطيف. ولما لم يعهد التمثيل عند الجنس السامي لم تخرج العرب عن هدي جنسها. والتمثيل